responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 273
قُلْتُ لأبي عبد الله: فَلِمَ تُرَخِّصُ إِذًا فِي الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ، وَإِنَّمَا صَحَّ الْحَدِيثُ بَعْدَ الرُّكُوعِ؟ فَقَالَ: الْقُنُوتُ فِي الْفَجْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَفِي الْوِتْرِ يُخْتَارُ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَمَنْ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَلَا بَأْسَ، لِفِعْلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتِلَافِهِمْ، فَأَمَّا فِي الْفَجْرِ فَبَعْدَ الرُّكُوعِ.
فَيُقَالُ: مِنَ الْعَجَبِ تَعْلِيلُ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ، وَرَوَاهُ أَئِمَّةٌ ثِقَاتٌ أَثْبَاتٌ حُفَّاظٌ، وَالِاحْتِجَاجُ بِمِثْلِ حَدِيثِ أبي جعفر الرازي، وَقَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، وعمرو بن أيوب، وَعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، ودينار، وجابر الجعفي، وَقَلَّ مَنْ تَحَمَّلَ مَذْهَبًا، وَانْتَصَرَ لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا اضْطُرَّ إِلَى هَذَا الْمَسْلَكِ.
فَنَقُولُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ: أَحَادِيثُ أنس كُلُّهَا صِحَاحٌ، يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَلَا تَتَنَاقَضُ، وَالْقُنُوتُ الَّذِي ذَكَرَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ غَيْرُ الْقُنُوتِ الَّذِي ذَكَرَهُ بَعْدَهُ، وَالَّذِي وَقَّتَهُ غَيْرُ الَّذِي أَطْلَقَهُ، فَالَّذِي ذَكَرَهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ هُوَ إِطَالَةُ الْقِيَامِ لِلْقِرَاءَةِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» ) وَالَّذِي ذَكَرَهُ بَعْدَهُ هُوَ إِطَالَةُ الْقِيَامِ لِلدُّعَاءِ، فَعَلَهُ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى قَوْمٍ وَيَدْعُو لِقَوْمٍ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ يُطِيلُ هَذَا الرُّكْنَ لِلدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ إِلَى أَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ ثابت، عَنْ أنس قَالَ: ( «إِنِّي لَا أَزَالُ أُصَلِّي بِكُمْ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا» ) ، قَالَ: وَكَانَ أنس يَصْنَعُ شَيْئًا لَا أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَهُ، كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ انْتَصَبَ قَائِمًا حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَدْ نَسِيَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ يَمْكُثُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: قَدْ نَسِيَ. فَهَذَا هُوَ الْقُنُوتُ الَّذِي مَا زَالَ عَلَيْهِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا.
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْكُتُ فِي مِثْلِ هَذَا الْوُقُوفِ الطَّوِيلِ، بَلْ كَانَ يُثْنِي

اسم الکتاب : زاد المعاد في هدي خير العباد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 273
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست