responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 362
استأنس به والزاني تعلو وجهه الوحشة ومن جالسه استوحش به ومنها قلة الهيبة التي تنزع من صدور أهله وأصحابه وغيرهم له وهو أحقر شيء في نفوسهم وعيونهم بخلاف العفيف فإنه يرزق المهابة والحلاوة ومنها أن الناس ينظرونه بعين الخيانة ولا يأمنه أحد على حرمته ولا على ولده ومنها الرائحة التي تفوح عليه يشمها كل ذي قلب سليم تفوح من فيه وجسده ولولا اشتراك الناس في هذه الرائحة لفاحت من صاحبها ونادت عليه ولكن كما قيل
كل به مثل ما بي غير أنهم ... من غيرة بعضهم للبعض عذال
ومنها ضيقة الصدر وحرجه فإن الزناة يعاملون بضد قصودهم فإن من طلب لذة العيش وطيبه بما حرمه الله عليه عاقبه بنقيض قصده فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته ولم يجعل الله معصيته سببا إلى خير قط ولو علم الفاجر ما في العفاف من اللذة والسرور وانشراح الصدر وطيب العيش لرأى أن الذي فاته من اللذة أضعاف أضعاف ما حصل له دع ربح العاقبة والفوز بثواب الله وكرامته ومنها أنه يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن وقد تقدم أن الله سبحانه وتعالى إذا كان قد عاقب لابس الحرير في الدنيا بحرمانه لبسه يوم القيامة وشارب الخمر في الدنيا بحرمانه إياها يوم القيامة فكذلك من تمتع بالصور المحرمة في الدنيا بل كل ما ناله العبد في الدنيا فإن توسع في حلاله ضيق من حظه يوم القيامة بقدر ما توسع فيه وإن ناله من حرام فاته نظيره يوم القيامة
ومنها أن الزنى يجرئه على قطيعة الرحم وعقوق الوالدين وكسب الحرام وظلم الخلق وإضاعة أهله وعياله وربما قاده قسرا إلى سفك الدم الحرام وربما استعان عليه بالسحر وبالشرك وهو يدري أو لا يدري فهذه المعصية لا تتم

اسم الکتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 362
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست