اسم الکتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 315
وغيرته على حرمته أن يتطلع إليها غيره فالغيرة التي يحبها الله ورسوله دارت على هذه الأنواع الثلاثة وما عداها فإما من خدع الشيطان وإما بلوى من الله كغيرة المرأة على زوجها أن يتزوج عليها فإن قيل فمن أي الأنواع تعدون غيرة فاطمة رضي الله عنها ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما عزم على نكاح ابنة أبي جهل وغيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لها قيل من الغيرة التي يحبها الله ورسوله وقد أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها بضعة منه وأنه يؤذيه ما آذاها ويريبه ما أرابها ولم يكن يحسن ذلك الاجتماع البتة فإن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحسن أن تجتمع مع بنت عدوه عند رجل فإن هذا في غاية منافرة مع أن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صهره الذي حدثه فصدقه ووعده فوفى له دليل على أن عليا رضي الله عنه كان مشروطا عليه في العقد إما لفظا وإما عرفا وحالا أن لا يريب فاطمة ولا يؤذيها بل يمسكها بالمعروف وليس من المعروف أن يضم إليها بنت عدو الله ورسوله ويغيظها بها ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي ويتزوج ابنة أبي جهل والشرط العرفي الحالي كالشرط اللفظي عند كثير من الفقهاء كفقهاء المدينة وأحمد بن حنبل وأصحابه رحمهم الله تعالى على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف عليها الفتنة في دينها باجتماعها وبنت عدو الله عنده فلم تكن غيرته لمجرد كراهية الطبع للمشاركة بل الحامل عليها حرمة الدين وقد أشار إلى هذا بقوله" إني أخاف أن تفتن في دينها" والله أعلم بالصواب
اسم الکتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 315