اسم الکتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 31
لما علم الله شوق المحبين إلى لقائه ضرب لهم موعدا للقاء تسكن به قلوبهم وبعد فهذه اللفظة من أسماء الحب قال في الصحاح الشوق والاشتياق نزاع النفس إلى الشيء يقال شاقني الشيء يشوقني فهو شائق وأنا مشوق وشوقني فتشوقت إذا هيج شوقك قال الراجز
يا دار مية بالدكاديك البرق ... سقيا لقد هيجت شوق المشتأق
يريد المشتاق قال سيبويه همز ما ليس بمهموز ضرورة
فصل واختلف في الفرق بين الشوق والاشتياق أيهما أقوى فقالت طائفة الشوق أقوى فإنه صفة لازمة والاشتياق فيه نوع افتعال كما يدل عليه بناؤه كالاكتساب ونحوه وقالت فرقة الاشتياق أقوى لكثرة حروفه وكلما قوي المعنى وزاد زادوا حروفه وحكمت فرقة ثالثة بين القولين وقالت الاشتياق يكون إلى غائب وأما الشوق فإنه يكون للحاضر والغائب والصواب أن يقال الشوق مصدر شاقه يشوقه إذا دعاه إلى الاشتياق إليه فالشوق داعية الاشتياق ومبداه والاشتياق موجبه وغايته فإنه يقال شاقني فاشتقت فالاشتياق فعل مطاوع لشاقني واختلف أرباب الشوق هل يزول الشوق بالوصال أو يزيد فقالت طائفة يزول فإن الشوق سفر القلب إلى المحبوب فإذا وصل إليه انتهى السفر
وألقت عصاها واستقر بها النوى ... كما قر عينا بالإياب المسافر
اسم الکتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 31