اسم الکتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 306
فيخليه منه ويرده حينئذ إليه بالفقر والذلة والمسكنة ويشهده غاية فقره وإعدامه وأنه ليس معه من نفسه شيء البتة فتعود عزة ذلك الأنس والصفاء الوجود ذلو ومسكنة وفقرا وفاقة وذرة من هذا أحب إليه سبحانه وتعالى وأنفع للعبد من الجبال الرواسي من ذلك الصفاء والأنس المجرد عن شهود الفقر والذلة والمسكنة وهذا باب لا يتسع له قلب كل أحد
فصل ومن الغيرة الغيرة على دقيق العلم ومالا يدركه فهم السامع أن يذكر له ولهذه الغيرة قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله ورسوله وقال ابن مسعود رضي الله عنه ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة فالعالم يغار على علمه أن يبذله لغير أهله او يضعه في غير محله كما قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل لا تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموهم ولا تبذلوها لغير أهلها فتظلموها
وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن تفسير قوله تعالى الله الذي {خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} فقال للسائل وما يؤمنك أني إن أخبرتك بتفسيرها كفرت فإنك تكذب به وتكذيبك بها كفرك بها فالمسألة الدقيقة اللطيفة التي تبذل لغير أهلها كالمرأة لحسناء التي تهدى إلى ضرير مقعد كما قيل
اسم الکتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 306