responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 160
فأين هذه الحال من حالة من يلتذ في الدنيا بكل ما يقصد به وجه الله سبحانه وتعالى من الأكل والشرب واللباس والنكاح وشفاء الغيظ بقهر العدو وجهاد في سبيله فضلا عما يلتذ به من معرفة ربه وحبه له وتوحيده والإثابة إليه والتوكل عليه والإقبال عليه وإخلاص العمل له والرضا به وعنه والتفويض إليه وفرح القلب وسروره بقربه والأنس به والشوق إلى لقائه كما في الحديث الذي صححه ابن حبان والحاكم وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك وهذه اللذة لا تزال في الدنيا في زيادة مع تنقيصها بالعدو الباطن من الشيطان والهوى والنفس والدنيا والعدو الظاهر فكيف إذا تجردت الروح وفارقت دار الأحزان والآفات واتصلت بالرفيق الأعلى {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً} فإذا أفضى إلى دار النعيم فهنا لك من أنواع اللذة والبهجة والسرور ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فبؤسا وتعسا للنفوس الوضيعة الدنيئة التي لا يهزها الشوق إلى ذلك طربا ولا تتقد نار إرادتها لذلك رغبا ولا تعبد عما يصد عن ذلك رهبا فبصائرها كما قيل
خفافيش أعشاها النهار بضوئه ... ولاءمها قطع من الليل مظلم
تجول حول الحش إذا جالت النفوس العلوية حول العرش وتندس في الأحجار إذا طارت النفوس الزكية إلى أعلى الأوكار

اسم الکتاب : روضة المحبين ونزهة المشتاقين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 160
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست