responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جلاء الأفهام المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 169
قَالَه هَذَا عَرق عرق جهمي ينضح من قلبه على لِسَانه وَحَقِيقَته إِنْكَار رَحْمَة الله جملَة وَكَانَ جهم يخرج إِلَى الجذمى وَيَقُول أرْحم الرَّاحِمِينَ يفعل هَذَا إنكارا لِرَحْمَتِهِ سُبْحَانَهُ
وَهَذَا الَّذِي ظَنّه هَذَا الْقَائِل هُوَ شُبْهَة منكري صِفَات الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنَّهُم قَالُوا الْإِرَادَة حَرَكَة النَّفس لجلب مَا ينفعها وَدفع مَا يَضرهَا والرب تَعَالَى يتعالى عَن ذَلِك فَلَا إِرَادَة لَهُ وَالْغَضَب غليان دم الْقلب طلبا للانتقام والرب منزه عَن ذَلِك فَلَا غضب لَهُ وسلكوا هَذَا المسلك الْبَاطِل فِي حَيَاته وَكَلَامه وَسَائِر صِفَاته وَهُوَ من أبطل الْبَاطِل فَإِنَّهُ أَخذ فِي مُسَمّى الصّفة خَصَائِص الْمَخْلُوق ثمَّ نفاها جملَة عَن الْخَالِق وَهَذَا فِي غَايَة التلبيس والإضلال فَإِن الْخَاصَّة الَّتِي أَخذهَا فِي الصّفة لم يثبت لَهَا لذاتها وَإِنَّمَا يثبت لَهَا بإضافتها إِلَى الْمَخْلُوق الْمُمكن وَمَعْلُوم أَن نفي خَصَائِص صِفَات المخلوقين عَن الْخَالِق لَا يَقْتَضِي نفي أصل الصّفة عَنهُ سُبْحَانَهُ وَلَا إِثْبَات أصل الصّفة لَهُ يَقْتَضِي إِثْبَات خَصَائِص الْمَخْلُوق لَهُ كَمَا أَن مَا نفي عَن صِفَات الرب تَعَالَى من النقائص والتشبيه لَا يَقْتَضِي نَفْيه عَن صفة الْمَخْلُوق وَلَا مَا ثَبت لَهَا من الْوُجُوب والقدم والكمال يَقْتَضِي ثُبُوته للمخلوق وَلَا إِطْلَاق الصّفة على الْخَالِق والمخلوق وَهَذَا مثل الْحَيَاة وَالْعلم فَإِن حَيَاة العَبْد تعرض لَهَا الْآفَات المضادة لَهَا من الْمَرَض وَالنَّوْم وَالْمَوْت وَكَذَلِكَ علمه يعرض لَهُ النسْيَان وَالْجهل المضاد لَهُ وَهَذَا محَال فِي حَيَاة الرب وَعلمه فَمن نفى علم الرب وحياته لما يعرض فيهمَا للمخلوق فقد أبطل وَهُوَ نَظِير نفي من نفى رَحْمَة الرب وَعلمه فَمن نفى رَحْمَة الرب عَنهُ لما يعرض فِي رَحْمَة الْمَخْلُوق من رقة

اسم الکتاب : جلاء الأفهام المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 169
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست