responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفوائد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 206
الْفراء أَي على فضل عِنْدِي إِنِّي كنت أَهله ومستحقا لَهُ إِذْ أَعْطيته وَقَالَ مقَاتل يَقُول على خير علمه الله عِنْدِي وَذكر عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل سُلَيْمَان بن دَاوُد فِيمَا أُوتِيَ من الْملك ثمَّ قَرَأَ قَوْله تَعَالَى هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أكفر وَلم يقل هَذَا من كَرَامَتِي ثمَّ ذكر قَارون وَقَوله إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى علم عِنْدِي يَعْنِي أَن سُلَيْمَان رأى مَا أُوتِيتهُ من فضل الله عَلَيْهِ ومنته وَأَنه ابتلى بِهِ شكره وَقَارُون رأى ذَلِك من نَفسه واستحقاقه وَكَذَلِكَ قَوْله سُبْحَانَهُ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لي أَي أَنا أَهله وحقيق بِهِ فاختصاصي بِهِ كاختصاص الْمَالِك بِملكه وَالْمُؤمن يري ذَلِك ملكا لرَبه وفضلا مِنْهُ منّ بِهِ على عَبده من غير اسْتِحْقَاق مِنْهُ بل صَدَقَة تصدق بهَا على عَبده وَله أَن لَا يتَصَدَّق بهَا فَلَو مَنعه إِيَّاهَا لم يكن قد مَنعه شَيْئا هُوَ لَهُ يسْتَحقّهُ عَلَيْهِ فَإِذا لم يشْهد ذَلِك رَأْي فِيهِ أَهلا ومستحقا فأعجبه نَفسه وطغت بِالنعْمَةِ وعلت بهَا واستطالت على غَيرهَا فَكَانَ حظها مِنْهَا الْفَرح وَالْفَخْر كَمَا قَالَ تَعَالَى وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثمَّ نزعتاها مِنْهُ إِنَّه ليؤس كَفُورٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لفرح فخور فذمه باليأس وَالْكفْر عِنْد الامتحان بالبلاء وبالفرح وَالْفَخْر عِنْد الِابْتِلَاء بالنعماء واستبدل بِحَمْد الله وشكره وَالثنَاء عَلَيْهِ إِذْ كشف عَنهُ الْبلَاء قَوْله ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عني لَو أَنه قَالَ أذهب الله السَّيِّئَات عني برحمته وَمِنْه لما ذمّ على ذَلِك بل كَانَ مَحْمُودًا عَلَيْهِ وَلكنه غفل عَن الْمُنعم بكشفها وَنسب الذّهاب إِلَيْهَا فَرح وافتخر فَإِذا علم الله سُبْحَانَهُ هَذَا من قلب عبد فَذَلِك من أعظم أَسبَاب خذلانه وتخليه عَنهُ فَإِن مَحَله لَا تناسبه النِّعْمَة الْمُطلقَة التَّامَّة كَمَا قَالَ تَعَالَى إِن شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وهم معرضون فَأخْبر سُبْحَانَهُ أَن محلهم غير قَابل لنعمته وَمَعَ عدم الْقبُول ففيهم مَانع آخر يمْنَع وصولها إِلَيْهِم وَهُوَ توليهم وإعراضهم إِذا عرفوها وتحققوها

اسم الکتاب : الفوائد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 206
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست