responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفوائد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 153
بعده خيرا أشهده منّته وتوفيقه وإعانته لَهُ فِي كل مَا يَقُوله ويفعله فَلَا يعجب بِهِ ثمَّ أشهده تَقْصِيره فِيهِ وَأَنه لَا يرضى لرَبه بِهِ فيتوب إِلَيْهِ مِنْهُ ويستغفره ويستحي أَن يطْلب عَلَيْهِ أجرا وَإِذا لم يشهده ذَلِك وغيّبه عَنهُ فَرَأى نَفسه فِي الْعَمَل وَرَآهُ بِعَين الْكَمَال وَالرِّضَا لم يَقع ذَلِك الْعَمَل مِنْهُ موقع الْقبُول وَالرِّضَا والمحبة فالعارف يعْمل الْعَمَل لوجه مشاهدا فِيهِ منّته وفضله وتوفيقه معتذرا مِنْهُ إِلَيْهِ مستحييا مِنْهُ إِذْ لم يوفه حَقه وَالْجَاهِل يعْمل الْعَمَل لحظه وهواه نَاظرا فِيهِ إِلَى نَفسه يمنّ بِهِ على ربه رَاضِيا بِعَمَلِهِ فَهَذَا لون وَذَاكَ لون آخر

فصل الْوُصُول إِلَى الْمَطْلُوب مَوْقُوف على هجر العوائد وَقطع الْعَوَائِق فالعوائد
السّكُون إِلَى الدعة والراحة وَمَا أَلفه النَّاس واعتادوه من الرسوم والأوضاع الَّتِي جعلوها بِمَنْزِلَة الشَّرْع المتّبع بل هِيَ عِنْدهم أعظم من الشَّرْع فَإِنَّهُم يُنكرُونَ على من خرج عَنْهَا وخالفها مَا لَا يُنكرُونَ على من خَالف صَرِيح الشَّرْع وَرُبمَا كفّروه أَو بدّعوه وضلّلوه أَو هجروه وعاقبوه لمُخَالفَة تِلْكَ الرسوم وأماتوا لَهَا السّنَن ونصبوها أندادا للرسول يوالون عَلَيْهَا ويعادون فالمعروف عِنْدهم مَا وافقهم وَالْمُنكر مَا خالفها
وَهَذِه الأوضاع والرسوم قد استولت على طوائف بني آدم من الْمُلُوك والولاة وَالْفُقَهَاء والصوفية والفقراء والمطوعين والعامة فربي فِيهَا الصَّغِير وَنَشَأ عَلَيْهَا الْكَبِير واتخذت سننا بل هِيَ أعظم عِنْد أَصْحَابهَا من السّنَن الْوَاقِف مَعهَا مَحْبُوس والمتقيّد بهَا مُنْقَطع عمّ بهَا الْمُصَاب وهجر لأَجلهَا السّنة وَالْكتاب من استنصر بهَا فَهُوَ عِنْد الله مخذول وَمن اقْتدى بهَا دون كتاب الله وَسنة رَسُوله فَهُوَ عِنْد الله غير مَقْبُول وَهَذِه أعظم الْحجب والموانع بَين العَبْد وَبَين النّفُوذ إِلَى الله وَرَسُوله

اسم الکتاب : الفوائد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 153
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست