responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفوائد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 130
وَيبغض الْفُجُور وَأَهله فيبعد قُلُوبهم مِنْهُ بِحَسب مَا اتصفوا بِهِ من الْفُجُور فَمن الأَصْل الأول قَوْله تَعَالَى {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هدى لِلْمُتقين} وَهَذَا يتَضَمَّن أَمريْن أَحدهمَا أَنه يهدي بِهِ من اتَّقى مَا خطه قبل نزُول الْكتاب فَإِن النَّاس على اخْتِلَاف مللهم ونحلهم قد اسْتَقر عِنْدهم أَن الله سُبْحَانَهُ يكره الظُّلم وَالْفَوَاحِش وَالْفساد فِي الأَرْض ويمقت فَاعل ذَلِك وَيُحب الْعدْل وَالْإِحْسَان والجود والصدق والإصلاح فِي الأَرْض وَيُحب فَاعل ذَلِك فَلَمَّا نزل الْكتاب أثاب سُبْحَانَهُ أهل الْبر بِأَن وفقهم للْإيمَان بِهِ جَزَاء لَهُم على برهم وطاعتهم وخذل أهل الْفُجُور وَالْفُحْش وَالظُّلم بِأَن حَال بَينهم وَبَين الاهتداء بِهِ وَالْأَمر الثَّانِي أَن العَبْد إِذا آمن بِالْكتاب واهتدى بِهِ مُجملا وَقبل أوامره وَصدق بأخباره كَانَ ذَلِك سَببا لهداية أُخْرَى تحصل لَهُ على التَّفْصِيل فَإِن الْهِدَايَة لَا نِهَايَة لَهَا وَلَو بلغ العَبْد فِيهَا مَا بلغ ففوق هدايته هِدَايَة أُخْرَى وَفَوق تِلْكَ الْهِدَايَة هِدَايَة أُخْرَى إِلَى غير غَايَة فَكلما اتَّقى العَبْد ربه ارْتقى إِلَى هِدَايَة أُخْرَى فَهُوَ فِي مزِيد هِدَايَة مَا دَامَ فِي مزِيد من التَّقْوَى وَكلما فوّت خطا من التَّقْوَى فَاتَهُ حَظّ من الْهِدَايَة بِحَسبِهِ فَكلما اتَّقى زَاد هداه وَكلما اهْتَدَى زَادَت تقواه قَالَ تَعَالَى {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} وَقَالَ تَعَالَى {اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} وَقَالَ {سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى} وَقَالَ {وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ} وَقَالَ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ} فهداهم أَولا للْإيمَان فَلَمَّا آمنُوا هدَاهُم للْإيمَان هِدَايَة بعد هِدَايَة وَنَظِير هَذَا قَوْله {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهتدوا هدى} وَقَوله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً} وَمن الْفرْقَان مَا يعطيهم من لنُور الَّذِي يفرقون بِهِ بَين الْحق وَالْبَاطِل والنصر والعز الَّذِي يتمكنون بِهِ من إِقَامَة الْحق وَكسر الْبَاطِل فسر الْفرْقَان بِهَذَا وَبِهَذَا وَقَالَ تَعَالَى {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} وَقَالَ

اسم الکتاب : الفوائد المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 130
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست