responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 90
عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِغَرِيمٍ لِي، فَقَالَ: الْزَمْهُ، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أَخَا بَنِي تَمِيمٍ، مَا تُرِيدُ أَنْ تَفْعَلَ بِأَسِيرِكَ؟»
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ «ثُمَّ مَرَّ بِي آخِرَ النَّهَارِ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ يَا أَخَا بَنِي تَمِيمٍ؟» وَكَانَ هَذَا هُوَ الْحَبْسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَحْبِسٌ مُعَدٌّ لِحَبْسِ الْخُصُومِ وَلَكِنْ لَمَّا انْتَشَرَتْ الرَّعِيَّةُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ابْتَاعَ بِمَكَّةَ دَارًا وَجَعَلَهَا سِجْنًا يَحْبِسُ فِيهَا، وَلِهَذَا تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ: هَلْ يَتَّخِذُ الْإِمَامُ حَبْسًا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: فَمَنْ قَالَ: لَا يَتَّخِذُ حَبْسًا، قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا لِخَلِيفَتِهِ بَعْدَهُ حَبْسٌ، وَلَكِنْ يُعَوِّقُهُ بِمَكَانٍ مِنْ الْأَمْكِنَةِ، أَوْ يُقَامُ عَلَيْهِ حَافِظٌ - وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى التَّرْسِيمَ أَوْ يَأْمُرُ غَرِيمَهُ بِمُلَازَمَتِهِ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَمَنْ قَالَ: لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ حَبْسًا، قَالَ: قَدْ اشْتَرَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ دَارًا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَجَعَلَهَا حَبْسًا.
وَلَمَّا كَانَ حُضُورُ مَجْلِسِ الْحَاكِمِ مِنْ جِنْسِ الْحَبْسِ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ: هَلْ يَحْضُرُ الْخَصْمُ الْمَطْلُوبُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى أَوْ لَا يَحْضُرُ حَتَّى يُبَيِّنَ الْمُدَّعِي أَنَّ لِلدَّعْوَى أَصْلًا، عَلَى قَوْلَيْنِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، وَالْأَوَّلُ: قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، وَالثَّانِي: قَوْلُ مَالِكٍ.
35 - (فَصْلٌ)
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْحَبْسُ فِي التُّهَمِ إنَّمَا هُوَ لِوَالِي الْحَرْبِ، دُونَ الْقَاضِي، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ، وَالْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ الْمُصَنَّفِينَ فِي أَدَبِ الْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْحَبْسِ فِي التُّهْمَةِ، هَلْ هُوَ مُقَدَّرٌ؟ أَوْ مَرْجِعُهُ إلَى اجْتِهَادِ الْوَالِي وَالْحَاكِمِ - عَلَى قَوْلَيْنِ: ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُمَا - فَقَالَ الزُّبَيْرِيُّ: هُوَ مُقَدَّرٌ بِشَهْرٍ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: غَيْرُ مُقَدَّرٍ.
36 - (فَصْلٌ)
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ، كَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْقَتْلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِذَا

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 90
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست