responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 86
عَلَامَاتٍ وَأَدِلَّةٍ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا رَأَيْتُمْ الرَّجُلَ يَعْتَادُ الْمَسْجِدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَانِ» فَجَعَلَ اعْتِيَادَ شُهُودِ الْمَسْجِدِ مِنْ عَلَامَاتِ الْإِيمَان وَجَوَّزَ لَنَا أَنْ نَشْهَدَ بِإِيمَانِ صَاحِبِهَا، مُسْتَنِدِينَ إلَى تِلْكَ الْعَلَامَةِ، وَالشَّهَادَةِ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْقَطْعِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمَارَةَ تُفِيدُ الْقَطْعَ وَتُسَوِّغُ الشَّهَادَةَ.
وَقَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ» . وَفِي لَفْظٍ: «عَلَامَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ» .
وَفِي السُّنَنِ: «ثَلَاثٌ مِنْ عَلَامَاتِ الْإِيمَانِ: الْكَفُّ عَمَّنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ إلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ، لَا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ، وَالْإِيمَانُ بِالْأَقْدَارِ» .
وَقَدْ نَصَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَاتِ دَالَّةً عَلَيْهِ وَعَلَى وَحْدَانِيِّتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، فَكَذَلِكَ هِيَ دَالَّةٌ عَلَى عَدْلِهِ وَأَحْكَامِهِ، وَالْآيَةُ مُسْتَلْزِمَةٌ لِمَدْلُولِهَا لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا، فَحَيْثُ وُجِدَ الْمَلْزُومُ وُجِدَ لَازِمُهُ، فَإِذَا وُجِدَتْ آيَةُ الْحَقِّ ثَبَتَ الْحَقُّ، وَلَمْ يَتَخَلَّفْ ثُبُوتُهُ عَنْ آيَتِهِ وَأَمَارَتِهِ، فَالْحُكْمُ بِغَيْرِهِ حِينَئِذٍ يَكُونُ حُكْمًا بِالْبَاطِلِ.
وَقَدْ اعْتَبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ الْعَلَامَاتِ فِي الْأَحْكَامِ، وَجَعَلُوهَا مُبَيِّنَةً لَهَا، كَمَا اعْتَبَرَ الْعَلَامَاتِ فِي اللُّقَطَةِ، وَجَعَلَ صِفَةَ الْوَاصِفِ لَهَا آيَةً وَعَلَامَةً عَلَى صِدْقِهِ، وَأَنَّهَا لَهُ.
وَقَالَ لِجَابِرٍ: «خُذْ مِنْ وَكِيلِي وَسْقًا، فَإِنَّ الْتَمَسَ مِنْكَ آيَةً، فَضَعْ يَدَكَ عَلَى تَرْقُوَتِهِ» فَنَزَّلَ هَذِهِ الْعَلَامَةَ مَنْزِلَةَ الْبَيِّنَةِ الَّتِي تَشْهَدُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْكَ ذَلِكَ، كَمَا نَزَّلَ الصِّفَةَ لِلُّقَطَةِ مَنْزِلَةَ الْبَيِّنَةِ، بَلْ هَذَا نَفْسُهُ بَيِّنَةٌ، إذْ الْبَيِّنَةُ مَا تُبَيِّنُ الْحَقَّ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ وَوَصْفٍ.

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 86
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست