responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 270
قِيلَ: أَدَاةُ الشَّرْطِ فِي " مَنْ " وَ " أَيَّ " هِيَ نَفْسُ الْمَفْعُولِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلَّقُ الْفِعْلِ؛ وَلِهَذَا نَحْكُمُ عَلَى مَحَلِّ " مَنْ " بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَيَظْهَرُ فِي " أَيَّ " فَالْعُمُومُ الَّذِي فِي الْأَدَاةِ لِنَفْسِ الْمَفْعُولِ الْمَوْلُودِ، وَهُوَ بِعَيْنِهِ فِي قَوْلِهِ: إذَا وَلَدْتِ وَلَدًا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّخْصِيصَ بِوَاحِدٍ، وَلَا يُرِيدُ الْعُمُومَ، فَيَبْقَى مِنْ بَابِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِالنِّيَّةِ.
135 - (فَصْلٌ)
وَقَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَشْكَلَ السَّابِقُ " إنَّهُ بَانَ أَنَّ الَّذِي أَعْتَقَهُ: أَخْطَأَتْهُ الْقُرْعَةُ: عَتَقَ " أَيْ حَكَمَ بِعِتْقِهِ مِنْ حِينِ مُبَاشَرَتِهِ لَا أَنَّهُ يُنْشِئُ فِيهِ الْعِتْقَ مِنْ حِينِ الذِّكْرِ، فَإِنَّ عِتْقَهُ مُسْتَنِدٌ إلَى سَبَبِهِ، وَهُوَ سَابِقٌ عَلَى الذِّكْرِ. وَقَوْلُهُ: " هَلْ يَرِقُّ الْآخَرُ؟ " عَلَى وَجْهَيْنِ مَأْخَذُهُمَا: أَنَّ الْقُرْعَةَ كَاشِفَةٌ أَوْ مُنْشِئَةٌ.
فَإِنْ قِيلَ: إنَّهَا مُنْشِئَةٌ لِلْعِتْقِ: لَمْ يَرْتَفِعْ بَعْدَ إنْشَائِهِ الْعِتْقُ عَنْهُ، وَإِنْ قِيلَ: إنَّهَا كَاشِفَةٌ رَقَّ الْآخَرُ، لِأَنَّا تَبَيَّنَّا خَطَأَهَا فِي الْكَشْفِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إعْمَالِهَا عِنْدَ اسْتِبْهَامِ الْأَمْرِ وَخَفَائِهِ إعْمَالُهَا عِنْدَ تَبَيُّنِهِ وَظُهُورِهِ، يُوَضِّحُهُ: أَنَّ التَّبَيُّنَ وَالظُّهُورَ لَوْ كَانَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ اخْتَصَّ الْعِتْقُ بِمَنْ يُؤَثِّرُ بِهِ، فَكَذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْحَالِ.
وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ اسْتِمْرَارَ حُكْمِ الْقُرْعَةِ مَشْرُوطٌ بِاسْتِمْرَارِ الْإِشْكَالِ، فَإِذَا زَالَ الْإِشْكَالُ، زَالَ شَرْطُ اسْتِمْرَارِهَا، وَهَذَا أَقْيَسُ لَكِنْ يُقَالُ: قَدْ حُكِمَ بِعِتْقِهِ بِالطَّرِيقِ الَّتِي نَصَّبَهَا الشَّارِعُ طَرِيقًا إلَى الْعِتْقِ، وَإِنْ جَازَ أَنْ يُخْطِئَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَقَدْ عَتَقَ بِأَمْرٍ حَكَمَ الشَّارِعُ أَنْ يَعْتِقَ بِهِ، فَكَيْفَ يَرْتَفِعُ عِتْقُهُ؟ وَعَلَى هَذَا: فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ بِاسْتِمْرَارِ عِتْقِهِ، وَأَنَّ مَنْ أَخْطَأَتْهُ الْقُرْعَةُ يَبْقَى عَلَى رِقِّهِ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ بِالْعِتْقِ قَدْ زَالَ حُكْمُهَا بِالنِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ، وَالْقُرْعَةُ نَسَخَتْ حُكْمَ الْمُبَاشَرَةِ وَأَبْطَلَتْهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، وَانْتَقَلَ الْحُكْمُ إلَى الْقُرْعَةِ، فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ، فَهَذَا لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصَلِّ فِي الرَّجُل لَهُ امْرَأَتَانِ وَهُوَ يُرِيد أَنْ يَخْرَج بِإِحْدَاهُمَا]
136 - (فَصْلٌ)
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ - فِي الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ امْرَأَتَانِ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ بِإِحْدَاهُمَا - قَالَ: يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا. فَتَخْرُجُ إحْدَاهُمَا بِالْقُرْعَةِ، أَوْ تَخْرُجُ إحْدَاهُمَا بِرِضَا الْأُخْرَى، وَلَا يُرِيدُ الْقُرْعَةَ؟ قَالَ: إذَا خَرَجَ بِهَا فَقَدْ رَضِيَتْ، وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَاعَ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ التَّشَاحِّ، فَأَمَّا إذَا رَضِيَتْ إحْدَاهُمَا بِخُرُوجِ ضَرَّتِهَا، فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ، وَإِنْ كَرِهَتْ وَقَالَتْ: لَا أَخْرُجُ إلَّا بِقُرْعَةٍ، فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَيَخْرُجُ بِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الْخُرُوجَ بِهَا، وَإِنَّمَا وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى الْقُرْعَةِ عِنْدَ مُشَاحَّةِ الضَّرَّةِ لَهَا.

[فَصَلِّ فِي الْقُرْعَة فِي الشِّرَاء وَالْبَيْع]
137 - (فَصْلٌ)

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 270
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست