responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 256
بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ، وَيَسْقُطُ بِشَهَادَتَيْنِ، وَهُوَ مَا إذَا شُهِدَ عَلَيْهَا بِالزِّنَا، فَذَكَرْت أَنَّهَا عَذْرَاءُ، وَشَهِدَ بِذَلِكَ النِّسَاءُ كَذَلِكَ لَوْ قَالَ - وَقَدْ رَأَى طَائِرًا - إنْ كَانَ هَذَا غُرَابًا فَفُلَانَةُ طَالِقٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غُرَابًا فَفُلَانٌ حُرٌّ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَا هُوَ؟ فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ عِنْدَكُمْ أَيْضًا، فَيُحْكَمُ بِمَا خَرَجَتْ بِهِ الْقُرْعَةُ فَإِنْ قُلْتُمْ هُنَا: لَمْ تَدْخُلْ الْقُرْعَةُ فِي الطَّلَاقِ بِانْفِرَادِهِ، بَلْ دَخَلَتْ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِتْقِ، وَالْقُرْعَةُ تَدْخُلُ فِي الْعِتْقِ، بِدَلِيلِ حَدِيثِ الْأَعْبُدِ السِّتَّةِ.
قِيلَ: إذَا دَخَلَتْ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ دَخَلَتْ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمُطَلَّقَةِ وَغَيْرِهَا، وَكُلُّ مَا قُدِّرَ مِنْ الْمَانِعِ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ، يَجْرِي فِي الْآخَرِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ.
وَأَيْضًا فَإِذَا كَانَتْ الْقُرْعَةُ تُخْرِجُ الْمُعْتَقَ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِخْرَاجُهُ لِلْمُطَلَّقَةِ أَوْلَى وَأَحْرَى، فَإِنَّ إخْرَاجَ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ مِنْ مِلْكِهِ، أَسْهَلُ مِنْ إخْرَاجِ عَيْنِ الرَّقَبَةِ، وَإِبْقَاءَ الرِّقِّ فِي الْعَيْنِ أَبَدًا أَسْهَلُ مِنْ إبْقَاءِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ، وَهِيَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ، فَإِذَا صَلَحَتْ الْقُرْعَةُ لِذَلِكَ فَهِيَ لِمَا دُونَهُ أَقْبَلُ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ. وَأَيْضًا: فَاشْتِبَاهُ الْمُطَلَّقَةِ بِغَيْرِهَا لَا يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَ الْقُرْعَةِ.
وَدَلِيلُهُ: مَسْأَلَةُ الطَّائِرِ، وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ غُرَابًا فَنِسَائِي طَوَالِقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ.
فَإِنْ قُلْتُمْ: قَدْ يُسْتَعْمَلُ الشَّيْءُ فِي حُكْمٍ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي آخَرَ، كَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، يُقْبَلُ فِي الْأَمْوَالِ، دُونَ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. يُوَضِّحُهُ: أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى سَرِقَةً، وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ: غَرَّمْنَاهُ الْمَالَ، وَلَمْ نَقْطَعْهُ، فَكَذَا هَاهُنَا: اسْتَعْمَلْنَا الْقُرْعَةَ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، دُونَ الطَّلَاقِ لِلْحَاجَةِ.
قِيلَ: الْحَاجَةُ فِي إخْرَاجِ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ غَيْرِهَا كَالْحَاجَةِ فِي إخْرَاجِ الْمُعْتَقِ مِنْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ، وَإِذَا دَخَلَتْ لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْفَرْجِ الْمَمْلُوكِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَغَيْرِهِ: صَحَّ دُخُولُهَا لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْفَرْجِ الْمَمْلُوكِ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، وَلَا فَرْقَ، وَلَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْقَطْعِ وَالْغُرْمِ فِي أَنَّهُ يَثْبُتُ أَحَدُهُمَا بِمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْأَحْكَامِ وَفِيمَا يَثْبُتُ بِهِ كُلُّ وَاحِدِ مِنْهُمَا، وَالْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ يَتَّفِقَانِ فِي الْأَحْكَامِ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ، وَيَثْبُتُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْآخَرُ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْحُقُوقَ إذَا تَسَاوَتْ عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهَا إلَّا بِالْقُرْعَةِ: صَحَّ اسْتِعْمَالُهَا فِيهَا، كَمَا قُلْتُمْ فِي الشَّرِيكَيْنِ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ، فَأَرَادَ قِسْمَتَهُ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُجْزِئُهُ وَيُقْرِعُ بَيْنَهُمَا، وَكَذَلِكَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ بِإِحْدَى نِسَائِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَعْتَقَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ فِي مَرَضِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا تَسَاوَى الْمُدَّعِيَانِ فِي الْحُضُورِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَكَذَلِكَ الْأَوْلِيَاءُ فِي النِّكَاحِ إذَا تَسَاوَوْا فِي الدَّرَجَةِ وَتَشَاحُّوا فِي الْعَقْدِ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ وَكَذَلِكَ إذَا قَتَلَ جَمَاعَةً فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، وَتَشَاحَّ الْأَوْلِيَاءُ فِي الْمُقْتَصِّ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، فَمَنْ قَرَعَ قُتِلَ لَهُ، وَأُخِذَتْ الدِّيَةُ لِلْبَاقِينَ.

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 256
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست