responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 252
وَمِنْ مَوَاضِعِ الْقُرْعَةِ: إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ، أَوْ طَلَّقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ، لَا يَدْرِي أَيَّتَهنَّ هِيَ؟ فَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: إنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ يَقُومُ وَلِيُّهُ فِي هَذَا مَقَامَهُ، يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ، فَأَيَّتُهُنَّ وَقَعَتْ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ لَزِمَتْهُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: عَنْ رَجُلٍ أَعْتَقَ أَحَدَ غُلَامَيْهِ فِي صِحَّتِهِ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى، وَلَمْ يَدْرِ الْوَرَثَةُ أَيُّهُمَا أَعْتَقَ، قَالَ: يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ فِي الْقُرْعَةِ: إذَا قَالَ: أَحَدُ غُلَامِيَّ حُرٌّ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ: يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا، فَأَيُّهُمَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ عَتَقَ، كَذَا فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الَّذِي أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ.
وَقَالَ مُهَنَّا: سَأَلْت أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، أَوْ لِعَبْدَيْنِ لَهُ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ، قَالَ: قَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ، قُلْت: تَرَى أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْت: وَتُجِيزُ الْقُرْعَةَ فِي الطَّلَاقِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ - فِيمَنْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ طَلَّقَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ، وَلَمْ يَدْرِ: يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ، كَذَلِكَ فِي الْأَعْبُدِ، فَإِنْ أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ، فَوَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى وَاحِدَةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الَّتِي طَلَّقَ: رَجَعَتْ هَذِهِ، وَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الَّتِي ذَكَرَ، فَإِنْ تَزَوَّجَتْ فَذَاكَ شَيْءٌ قَدْ مَرَّ، وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ قَدْ أَقْرَعَ بَيْنَهُنَّ لَمْ تَرْجِعْ إلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو الْحَارِثِ عَنْ أَحْمَدَ - فِي رَجُلٍ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ طَلَّقَ إحْدَاهُنَّ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فِي وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا - يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ فَأَيَّتُهُنَّ أَصَابَتْهَا الْقُرْعَةُ فَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ قَصَدَ إلَى وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا ثُمَّ نَسِيَهَا.
قَالَ: وَالْقُرْعَةُ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ جَاءَ بِهَا الْقُرْآنُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ، وَلَكِنْ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ لِوَاحِدَةٍ لَا بِعَيْنِهَا وَلَا نَوَاهَا، فَإِنَّهُ يَخْتَارُ صَرْفَ الطَّلَاقِ إلَى أَيَّتِهِنَّ شَاءَ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ لِوَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا وَنَسِيَهَا، فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ فِيهِمَا حَتَّى يَتَذَكَّرَ، وَلَا يُقْرِعُ، وَلَا يَخْتَارُ صَرْفَ الطَّلَاقِ إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.
وَقَالَ مَالِكٌ: يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الْجَمِيعِ. وَالْقَوْلُ بِالْقُرْعَةِ: مَذْهَبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ وَكِيعٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ: سَأَلْت أَبَا جَعْفَرٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، فَطَلَّقَ إحْدَاهُنَّ، لَا يَدْرِي أَيَّتَهُنَّ طَلَّقَ، فَقَالَ: عَلِيٌّ يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ.
فَالْأَقْوَالُ الَّتِي قِيلَ بِهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَخْرُجُ عَنْ أَرْبَعَةٍ: ثَلَاثَةٌ قِيلَ بِهَا، وَوَاحِدٌ لَا يُعْلَمُ بِهِ قَائِلٌ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُعَيِّنُ فِي الْمُبْهَمَةِ، وَيَقِفُ فِي حَقِّ الْمَنْسِيَّةِ عَنْ الْجَمِيعِ، فَيُنْفِقُ عَلَيْهِنَّ وَيَكْسُوهُنَّ، وَيَعْتَزِلُهُنَّ إلَى أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا الْمَوْتُ أَوْ يَتَذَكَّرَ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْحَرَجِ، وَالْإِضْرَارِ بِهِ وَبِالزَّوْجَاتِ، فَيَنْفِيهِ.

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 252
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست