responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 179
وَقَدْ قَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ - فِي الرَّجُلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ فِي حَائِطٍ - فَيَنْظُرُ إلَى عَقْدِهِ، وَمَنْ لَهُ عَلَيْهِ خَشَبٌ أَوْ سَقْفٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يُرَى بِالْعَيْنِ: يُقْضَى بِهِ لِصَاحِبِهِ، وَلَا يُكَلِّفُ الطَّالِبَ الْبَيِّنَةَ، وَكَذَلِكَ الْقَنَوَاتُ الَّتِي تَشُقُّ الدُّورَ وَالْبُيُوتَ إلَى مُسْتَقَرِّهَا إذَا سَدّهَا الَّذِي شَقَّتْ دَارِهِ، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا مَجْرَى لِأَحَدٍ، فَإِذَا نَظَرُوا إلَى الْقَنَاةِ الَّتِي شَقَّتْ دَارِهِ، وَشَهِدُوا بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِي شَهَادَةِ الشُّهُودِ الَّذِينَ وَجَّهَهُمْ لِذَلِكَ مَدْفَعٌ: أَلْزَمُوهُ مُرُورَ الْقَنَاةِ عَلَى دَارِهِ، وَنُهِيَ عَنْ سَدِّهَا، وَمُنِعَ مِنْهُ. قَالُوا: فَإِذَا نَظَرُوا فِي الْقَنَاةِ تَشُقُّ دَارِهِ إلَى مُسْتَقَرِّهَا - وَهِيَ قَنَاةٌ قَدِيمَةٌ، وَالْبُنْيَانُ فِيهَا ظَاهِرٌ، حَتَّى تَصُبَّ فِي مُسْتَقَرِّهَا - فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِمُرُورِ الْقَنَاةِ كَمَا وُجِدَتْ فِي دَارِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ - فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ: إذَا اخْتَلَفَ الرَّجُلَانِ فِي جِدَارٍ بَيْنَ دَارَيْهِمَا - كُلٌّ يَدَّعِيهِ - فَإِنْ كَانَ عَقْدُ بِنَائِهِ إلَيْهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ مَعْقُودًا إلَى أَحَدِهِمَا وَمُنْقَطِعًا عَنْ الْآخَرِ، فَهُوَ إلَى مَنْ إلَيْهِ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا بَيْنَهُمَا جَمِيعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا فِيهِ كُوًى، وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ فِيهِ؛ وَلَيْسَ بِمُنْعَقِدٍ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ فَهُوَ إلَى مَنْ إلَيْهِ مَرَافِقُهُ؛ وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ كُوًى لِكِلَيْهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا؛ وَإِنْ كَانَتْ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ خَشَبٌ؛ وَلَا عَقْدَ فِيهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ فَهُوَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ؛ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ حَمْلٌ لَهُمَا جَمِيعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الْكِتَابَةَ عَلَى الْحِجَارَةِ وَالْحَيَوَانِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ أَقْوَى مِنْ هَذِهِ الْأَمَارَاتِ بِكَثِيرٍ؛ فَهِيَ أَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ بِهَا حُكْمُ تِلْكَ الْكِتَابَةِ؛ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ؛ وَأَمَّا إذَا عَارَضَ ذَلِكَ بَيِّنَةٌ لَا تَتَّهِمُ، وَلَا تَسْتَنِدُ إلَى مُجَرَّدِ التَّبْدِيلِ بِذِكْرِ سَبَبِ الْمِلْكِ وَاسْتِمْرَارِهِ، فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى هَذِهِ الْأَمَارَاتِ.
وَأَمَّا إنْ عَارَضَهَا مُجَرَّدُ الْيَدِ: لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهَا؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَمَارَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ وَالشَّاهِدِ، وَالْيَدُ تُرْفَعُ بِذَلِكَ.

[فَصَلِّ شَهَادَةُ الرَّهْنِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ إذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَدْرِهِ]
91 - (فَصْلٌ)
وَمِمَّا يُلْحَقُ بِهَذَا الْبَابِ: شَهَادَةُ الرَّهْنِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ، إذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَدْرِهِ: فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، مَا لَمْ يَدَّعِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ، عِنْدَ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَخَالَفَهُ الْأَكْثَرُونَ. وَمَذْهَبُهُ أَرْجَحُ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَحُجَّتُهُ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَعَلَ الرَّهْنَ بَدَلًا مِنْ الْكِتَابِ وَالشُّهُودِ يَحْفَظُ بِهِ الْحَقَّ، فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ، وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ، لَمْ تَكُنْ فِي الرَّهْنِ فَائِدَةٌ، وَكَانَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ تَقْدِيمُ الْمُرْتَهِنِ بِدَيْنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ دُيُونُهُمْ بِغَيْرِ رَهْنٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يُشْرَعْ

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 179
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست