responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 170
نَعَمْ، لَوْ قُدِّرَ ذَلِكَ - بِأَنْ أَتَى ذَلِكَ بَيْنَ النَّاسِ أَعْيَانًا، وَشَهِدَ عَدَدٌ كَثِيرٌ يَقَعُ الْعِلْمُ الضَّرُورِيُّ بِخَبَرِهِمْ - حُدَّ بِذَلِكَ قَطْعًا، وَلَا يَلِيقُ بِالشَّرِيعَةِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَلَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ.

[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْحُكْمِ بِالِاسْتِفَاضَةِ]
88 - (فَصْلٌ)
الطَّرِيقُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ الْحُكْمُ بِالِاسْتِفَاضَةِ:
هِيَ دَرَجَةٌ بَيْنَ التَّوَاتُرِ وَالْآحَادِ، فَالِاسْتِفَاضَةُ: هِيَ الِاشْتِهَارُ الَّذِي يَتَحَدَّثُ بِهِ النَّاسُ، وَفَاضَ بَيْنَهُمْ. وَقَدْ قَسَّمَ الْحَنَفِيَّةُ الْأَخْبَارَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ. آحَادٍ وَتَوَاتُرٍ، وَاسْتِفَاضَةٍ، وَجَعَلُوا الْمُسْتَفِيضَ مَرْتَبَةً بَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ، وَخَصُّوا بِهِ عُمُومَ الْقُرْآنِ، وَقَالُوا: هُوَ بِمَنْزِلَةِ التَّوَاتُرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ قِسْمًا مِنْ أَقْسَامِ التَّوَاتُرِ. وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْأَخْبَارِ يَجُوزُ اسْتِنَادُ الشَّهَادَةِ إلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَعْتَمِدَ الزَّوْجُ عَلَيْهِ فِي قَذْفِ امْرَأَتِهِ وَلِعَانِهَا، إذَا اسْتَفَاضَ فِي النَّاسِ زِنَاهَا، وَيَجُوزُ اعْتِمَادُ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ.
قَالَ شَيْخُنَا فِي الذِّمِّيِّ: إذَا زَنَى بِالْمُسْلِمَةِ قُتِلَ، وَلَا يَرْفَعُ عَنْهُ الْقَتْلَ الْإِسْلَامُ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْمُسْلِمِ، بَلْ يَكْفِي اسْتِفَاضَةُ ذَلِكَ وَاشْتِهَارُهُ، هَذَا نَصُّ كَلَامِهِ.
وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، لِأَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ مِنْ أَظْهَرِ الْبَيِّنَاتِ، فَلَا يَتَطَرَّقُ إلَى الْحَاكِمِ تُهْمَةٌ إذَا اسْتَنَدَ إلَيْهَا؛ فَحُكْمُهُ بِهَا حُكْمٌ بِحُجَّةٍ لَا بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ الَّذِي يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَلِذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ إذَا اسْتَفَاضَ فِي النَّاسِ صِدْقُهُ وَعَدَالَتُهُ، مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ لَفْظِ شَهَادَةٍ عَلَى الْعَدَالَةِ، وَيَرُدُّ شَهَادَتَهُ وَيَحْكُمُ بِفِسْقِهِ بِاسْتِفَاضَةِ فُجُورِهِ وَكَذِبِهِ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُعْلَمُ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ نِزَاعٌ، وَكَذَلِكَ الْجَارِحُ وَالْمُعَدِّلُ، يَجْرَحُ الشَّاهِدَ بِالِاسْتِفَاضَةِ، صَرَّحَ بِذَلِكَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَيُعَدِّلُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّا نَشْهَدُ بِعَدَالَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَفِسْقِ الْحَجَّاجِ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ طَرِيقٌ مِنْ طُرُقِ الْعِلْمِ الَّتِي تَنْفِي التُّهْمَةَ عَنْ الشَّاهِدِ وَالْحَاكِمِ، وَهِيَ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ مَقْبُولَيْنِ.

[فَصَلِّ الطَّرِيقُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي أَخْبَار الْآحَاد]
89 - (فَصْلٌ)
الطَّرِيقُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ أَخْبَارُ الْآحَادِ: وَهُوَ أَنْ يُخْبِرَهُ عَدْلٌ يَثِقُ بِخَبَرِهِ وَيَسْكُنُ إلَيْهِ بِأَمْرٍ، فَيَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ فِيهِ، أَوْ يَقْطَعُ بِهِ لِقَرِينَةٍ بِهِ، فَيَحْمِلُ ذَلِكَ مُسْتَنِدًا لِحُكْمِهِ، وَهَذَا يَصْلُحُ لِلتَّرْجِيحِ وَالِاسْتِظْهَارِ بِلَا رَيْبٍ، وَلَكِنْ هَلْ يَكْفِي وَحْدَهُ فِي الْحُكْمِ، هَذَا مَوْضِعُ تَفْصِيلٍ.

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 170
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست