responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 164
تَزْكِيَتِهِمَا لِلتُّهْمَةِ. قَالُوا: وَلَوْ أَقَرَّ بِالْمُدَّعَى بِهِ فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ قَضَى، وَذَلِكَ قَضَاءٌ بِالْإِقْرَارِ لَا بِعِلْمِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ سِرًّا فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَقِيلَ: يَقْضِي قَطْعًا.
وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَهُ وَاحِدٌ، فَهَلْ يُغْنِيهِ عِلْمُهُ عَنْ الشَّاهِدِ الْآخَرِ؟ عَلَى قَوْلِ الْمَنْعِ فِيهِ وَجْهَانِ، وَهَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ.
وَأَمَّا مَذْهَبُ مَالِكٍ: فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الْمُدَّعَى بِهِ بِحَالٍ، سَوَاءٌ عَلِمَهُ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فِي مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَوْ غَيْرِهِ، قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمُحَاكَمَةِ أَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ، فَهُوَ أَشَدُّ الْمَذَاهِبِ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ: يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ فِيمَا عَلِمَهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْمُحَاكَمَةِ. قَالُوا: فَإِنْ حُكِمَ بِعِلْمِهِ - حَيْثُ قُلْنَا لَا يَحْكُمُ - فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ: لَا يُنْقَضُ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَعِنْدِي أَنَّهُ يُنْقَضُ. قَالُوا: وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَا رَآهُ الْقَاضِي، أَوْ سَمِعَهُ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ قَضَائِهِ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِهِ، وَأَنَّهُ يُنْقَضُ إنْ حَكَمَ بِهِ، وَيَنْقُضُهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا يَتَقَارَرُ بِهِ الْخَصْمَانِ فِي مَجْلِسِهِ، فَإِنْ حَكَمَ بِهِ نَقَضَهُ هُوَ، وَلَا يَنْقُضُهُ غَيْرُهُ.
قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَقَدْ اخْتَلَفَ إذَا أَقَرَّ بَعْدَ أَنْ جَلَسَا لِلْخُصُومَةِ، ثُمَّ أَنْكَرَا فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ: يَحْكُمُ، لِأَنَّ الْخَصْمَيْنِ إذَا جَلَسَا لِلْمُحَاكَمَةِ فَقَدْ رَضِيَا أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا بِمَا يَقُولَانِهِ، وَلِذَلِكَ قَصَدَاهُ - هَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ.
وَأَمَّا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالُوا: إذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِشَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ فِي زَمَنِ وِلَايَتِهِ وَمَحَلِّهَا، جَازَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِهِ، لِأَنَّ عِلْمَهُ كَشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ، بَلْ أَوْلَى، لِأَنَّ الْيَقِينَ حَاصِلٌ بِمَا عَلِمَهُ بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ السَّمَاعِ، وَالْحَاصِلُ بِالشَّهَادَةِ غَلَبَةُ الظَّنِّ، وَأَمَّا مَا عَلِمَهُ قَبْلَ وِلَايَتِهِ، أَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فَلَا يَقْضِي بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَقْضِي بِهِ، كَمَا فِي حَالِ وِلَايَتِهِ وَمَحَلِّهَا.
قَالَ الْمُنْتَصِرُونَ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ: هُوَ فِي غَيْرِ مِصْرِهِ وَغَيْرِ وِلَايَتِهِ، شَاهِدٌ لَا حَاكِمٌ، وَشَهَادَةُ الْفَرْدِ لَا تُقْبَلُ، وَصَارَ كَمَا إذَا عَلِمَ بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ، ثُمَّ وَلِيَ الْقَضَاءَ، فَإِنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِهَا. قَالُوا: وَأَمَّا الْحُدُودُ، فَلَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ خَصْمٌ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ نَائِبُهُ إلَّا فِي حَدِّ الْقَذْفِ، فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِعِلْمِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ الْعَبْدِ، وَإِلَّا فِي الْمُسْكِرِ، إذَا وُجِدَ سَكْرَانًا، أَوْ مَنْ بِهِ أَمَارَاتُ السُّكْرِ، فَإِنَّهُ يُعَذَّرُ. هَذَا تَحْصِيلُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ.
أَمَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ، فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: وَفَرْضٌ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ فِي الدِّمَاءِ، وَالْأَمْوَالِ،

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 164
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست