responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 149
يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَأْكُلُ الْخِنْزِيرَ، فَكَيْفَ يَعْدِلُ؟
فَنَصَّ فِي رِوَايَةِ هَؤُلَاءِ: أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَا عَلَى غَيْرِهِمْ أَلْبَتَّةَ، لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَالَ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَلَيْسُوا مِمَّنْ نَرْضَاهُ.
قَالَ الْخَلَّالُ: فَقَدْ رَوَى هَؤُلَاءِ النَّفَرِ - وَهُمْ قَرِيبٌ مِنْ عِشْرِينَ نَفْسًا - كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، خِلَافَ مَا قَالَ حَنْبَلٌ.
قَالَ: نَظَرْتُ فِي أَصْلِ حَنْبَلٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ بِمِثْلِ مَا أَخْبَرَنِي عِصْمَةُ عَنْ حَنْبَلٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ حَنْبَلًا تَوَهَّمَ ذَلِكَ، لَعَلَّهُ أَرَادَ: أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَا تَجُوزُ، فَغَلِطَ فَقَالَ: تَجُوزُ، وَقَدْ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ أَبِي: لَا تَجُوزُ، وَقَالَ أَبِي: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: تَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قَالَ أَبِي: لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَلَيْسُوا هُمْ مِمَّنْ نَرْضَى، فَصَحَّ الْخَطَأُ هَاهُنَا مِنْ حَنْبَلٍ.
وَقَدْ اخْتَلَفُوا عَلَى الشَّعْبِيِّ أَيْضًا، وَعَلَى سُفْيَانَ، وَعَلَى وَكِيعٍ، فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، فَمَا اخْتَلَفَ عَنْهُ أَلْبَتَّةَ إلَّا مَا غَلِطَ حَنْبَلٌ بِلَا شَكٍّ، لِأَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَذْهَبُهُ فِي شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَا يُجِيزُهَا أَلْبَتَّةَ، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِعُدُولٍ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ تَكُونُ بَيْنَهُمْ أَحْكَامٌ وَأَمْوَالٌ، فَكَيْفَ يَحْكُمُ بِشَهَادَةِ غَيْرِ عَدْلٍ؟ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة: 64] .
وَبَالَغَ الْخَلَّالُ فِي إنْكَارِ رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، وَلَمْ يُثْبِتْهَا رِوَايَةً، وَأَثْبَتَهَا غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَجَعَلُوا الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
قَالُوا: وَعَلَى رِوَايَةِ الْجَوَازِ، فَهَلْ يُعْتَبَرُ اتِّحَادُ الْمَسْأَلَةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَنَصَرُوا كُلُّهُمْ عَدَمَ الْجَوَازِ إلَّا شَيْخُنَا فَإِنَّهُ اخْتَارَ الْجَوَازَ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ نَصْرَانِيٍّ عَلَى مَجُوسِيٍّ، أَوْ مَجُوسِيٍّ عَلَى نَصْرَانِيٍّ.
وَصَحَّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَالَ: تَجُوزُ شَهَادَةُ النَّصْرَانِيِّ عَلَى الْيَهُودِيِّ، وَعَلَى النَّصْرَانِيِّ، كُلُّهُمْ أَهْلُ شِرْكٍ.

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 149
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست