responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 10
وَأَصْدَقَ مِنْ الْبَيِّنَةِ.
وَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَمَالِك الدَّارِ إذَا تَنَازَعَا دَفِينًا فِي الدَّارِ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ لَهُ؟ فَقَالَ: مَنْ وَصَفَهُ مِنْهُمَا فَهُوَ لَهُ.
وَهَذَا مِنْ كَمَالِ فِقْهِهِ وَفَهْمِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَسُئِلَ عَنْ الْبَلَدِ يَسْتَوْلِي عَلَيْهِ الْكُفَّارُ، ثُمًّ يَفْتَحُهُ الْمُسْلِمُونَ، فَتُوجَدُ فِيهِ أَبْوَابٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا كِتَابَةَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهَا وَقْفٌ: أَنَّهُ يَحْكُمُ بِذَلِكَ، لِقُوَّةِ هَذِهِ الْأَمَارَةِ وَظُهُورِهَا.
3 - (فَصْلٌ) وَكَذَلِكَ: اللَّقِيطُ إذَا تَدَاعَاهُ اثْنَانِ، وَوَصَفَ أَحَدُهُمَا عَلَامَةً خَفِيَّةً بِجَسَدِهِ حُكِمَ لَهُ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
4 - (فَصْلٌ) وَمِنْ ذَلِكَ: «حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِالْقَافَةِ» ، وَجَعْلِهَا دَلِيلًا مِنْ أَدِلَّةِ ثُبُوتِ النَّسَبِ، وَلَيْسَ هَاهُنَا إلَّا مُجَرَّدُ الْأَمَارَاتِ وَالْعَلَامَاتِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: وَمِنْ الْعَجَبِ إنْكَارٌ لِحُقُوقِ النَّسَبِ بِالْقَافَةِ الَّتِي اعْتَبَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَمِلَ بِهَا الصَّحَابَةُ مِنْ بَعْدِهِ، وَحَكَمَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَإِلْحَاقُ النَّسَب فِي مَسْأَلَةِ مَنْ تَزَوَّجَ بِأَقْصَى الْمَغْرِبِ امْرَأَةً بِأَقْصَى الْمَشْرِقِ، وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةُ سِنِينَ، ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدَ الْعَقْدِ بِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِوَلَدٍ، أَوْ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ قَالَ عَقِيبَ الْعَقْدِ: هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ: أَنَّهُ يَكُونُ ابْنَهُ لِأَنَّهَا فِرَاشٌ. وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ: أَنَّهَا تَصِيرُ فِرَاشًا بِهَذَا الْعَقْدِ بِمُجَرَّدِهِ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ سُرِّيَّةٌ يَطَؤُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يَلْحَقْهُ نَسَبُهُ. لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِرَاشًا لَهُ، وَلَا يَلْحَقُهُ حَتَّى يَدَّعِيَهُ، فَيَلْحَقُهُ بِالدَّعْوَى لَا بِالْفِرَاشِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ اسْتِشْهَادُ ابْنِ عَقِيلٍ بِاللَّوْثِ فِي الْقَسَامَةِ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الِاسْتِشْهَادِ فَإِنَّهُ اعْتِمَادٌ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمَارَاتِ الْمُغَلِّبَةِ عَلَى الظَّنِّ صِدْقَ الْمُدَّعِي، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ، وَيَجُوزُ لِلْحَاكِمِ - بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ - أَنْ يُثْبِتَ لَهُ حَقَّ الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ، مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ وَلَمْ يَشْهَدْ، فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الدِّمَاءِ الْمَبْنِيِّ أَمْرُهَا عَلَى الْحَظْرِ وَالِاحْتِيَاطِ، فَكَيْفَ بِغَيْرِهَا؟ .
وَمِنْ ذَلِكَ: فَإِنَّا نَحْكُمُ بِقَتْلِ الْمَرْأَةِ، أَوْ بِحَبْسِهَا إذَا نَكَلَتْ عَنْ اللِّعَانِ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّا نَحُدُّهَا. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8] وَالْعَذَابُ هَاهُنَا: هُوَ الْعَذَابُ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] فَأَضَافَهُ أَوَّلًا، وَعَرَّفَهُ بِاللَّامِ ثَانِيًا، وَهُوَ عَذَابٌ وَاحِدٌ.

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست