responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطب النبوي المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 95
وَأَشَدَّ، كَانَتْ أَبْلَغَ فِي النُّشْرَةِ [1] ، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْتِقَاءِ جَيْشَيْنِ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عُدَّتُهُ وَسِلَاحُهُ، فَأَيُّهُمَا غَلَبَ الْآخَرَ، قَهَرَهُ، وَكَانَ الْحُكْمُ لَهُ، فَالْقَلْبُ إِذَا كَانَ مُمْتَلِئًا مِنَ اللَّهِ مَغْمُورًا بِذِكْرِهِ، وَلَهُ مِنَ التَّوَجُّهَاتِ وَالدَّعَوَاتِ وَالْأَذْكَارِ وَالتَّعَوُّذَاتِ وِرْدٌ لَا يُخِلُّ بِهِ يُطَابِقُ فِيهِ قَلْبُهُ لِسَانَهُ، كَانَ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الَّتِي تَمْنَعُ إِصَابَةَ السِّحْرِ لَهُ، وَمِنْ أَعْظَمِ الْعِلَاجَاتِ لَهُ بَعْدَ مَا يُصِيبُهُ.
وَعِنْدَ السَّحَرَةِ: أَنَّ سِحْرَهُمْ إِنَّمَا يَتِمُّ تَأْثِيرُهُ فِي الْقُلُوبِ الضَّعِيفَةِ الْمُنْفَعِلَةِ، وَالنُّفُوسِ الشَّهْوَانِيَّةِ الَّتِي هِيَ مُعَلَّقَةٌ بِالسُّفْلِيَّاتِ، وَلِهَذَا فَإِنَّ غَالِبَ مَا يُؤَثِّرُ فِي النِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ، وَالْجُهَّالِ، وَأَهْلِ الْبَوَادِي، وَمَنْ ضَعُفَ حَظُّهُ مِنَ الدِّينِ وَالتَّوَكُّلِ وَالتَّوْحِيدِ، وَمَنْ لَا نَصِيبَ لَهُ مِنَ الْأَوْرَادِ الْإِلَهِيَّةِ وَالدَّعَوَاتِ وَالتَّعَوُّذَاتِ النَّبَوِيَّةِ.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَسُلْطَانُ تَأْثِيرِهِ فِي الْقُلُوبِ الضَّعِيفَةِ الْمُنْفَعِلَةِ الَّتِي يَكُونُ مَيْلُهَا إِلَى السُّفْلِيَّاتِ، قَالُوا: وَالْمَسْحُورُ هُوَ الَّذِي يُعِينُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنَّا نَجِدُ قَلْبَهُ مُتَعَلِّقًا بِشَيْءٍ كَثِيرُ الِالْتِفَاتِ إِلَيْهِ، فَيَتَسَلَّطُ عَلَى قَلْبِهِ بِمَا فِيهِ مِنَ الْمَيْلِ وَالِالْتِفَاتِ، وَالْأَرْوَاحُ الْخَبِيثَةُ إِنَّمَا تَتَسَلَّطُ عَلَى أَرْوَاحٍ تَلْقَاهَا مُسْتَعِدَّةً لِتَسَلُّطِهَا عَلَيْهَا بِمَيْلِهَا إِلَى مَا يُنَاسِبُ تِلْكَ الْأَرْوَاحَ الْخَبِيثَةَ، وَبِفَرَاغِهَا مِنَ الْقُوَّةِ الْإِلَهِيَّةِ، وَعَدَمِ أَخْذِهَا لِلْعُدَّةِ الَّتِي تُحَارِبُهَا بِهَا، فَتَجِدُهَا فَارِغَةً لَا عُدَّةَ مَعَهَا، وَفِيهَا مَيْلٌ إِلَى مَا يُنَاسِبُهَا، فَتَتَسَلَّطُ عَلَيْهَا، وَيَتَمَكَّنُ تَأْثِيرُهَا فيها بالسحر وغيره، والله أعلم.

فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِفْرَاغِ بِالْقَيْءِ
رَوَى الترمذي فِي «جَامِعِهِ» عَنْ معدان بن أبي طلحة، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاءَ، فَتَوَضَّأَ فَلَقِيتُ ثَوْبَانَ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ:
صَدَقَ، أَنَا صَبَبْتُ لَهُ وَضُوءَهُ. قَالَ الترمذي: وَهَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ في الباب [2] .

[1] النشرة بالضم: رقية يعالج بها المجنون والمريض- القاموس المحيط
[2] أخرجه الإمام أحمد والحاكم والدارقطني والبيهقي والطحاوي
اسم الکتاب : الطب النبوي المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست