responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطب النبوي المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 93
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِي نِسَاءَهُ، وَلَمْ يَأْتِهِنَّ، وَذَلِكَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ السِّحْرِ [1] .
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَالسِّحْرُ مَرَضٌ مِنَ الْأَمْرَاضِ، وَعَارِضٌ مِنَ الْعِلَلِ يَجُوزُ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَأَنْوَاعِ الْأَمْرَاضِ مِمَّا لَا يُنْكَرُ، وَلَا يَقْدَحُ فِي نُبُوَّتِهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ الشَّيْءَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ، فَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُدْخِلُ عَلَيْهِ دَاخِلَةً فِي شَيْءٍ مِنْ صِدْقِهِ، لِقِيَامِ الدَّلِيلِ وَالْإِجْمَاعِ عَلَى عِصْمَتِهِ مِنْ هَذَا، وَإِنَّمَا هَذَا فِيمَا يَجُوزُ طُرُوُّهُ عَلَيْهِ فِي أَمْرِ دُنْيَاهُ الَّتِي لَمْ يُبْعَثْ لِسَبَبِهَا، وَلَا فُضِّلَ مِنْ أَجْلِهَا، وَهُوَ فِيهَا عُرْضَةٌ لِلْآفَاتِ كَسَائِرِ الْبَشَرِ، فَغَيْرُ بَعِيدٍ أَنَّهُ يُخَيَّلَ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِهَا مَا لَا حَقِيقَةَ لَهُ، ثُمَّ يَنْجَلِي عَنْهُ كَمَا كَانَ.
وَالْمَقْصُودُ: ذِكْرُ هَدْيِهِ فِي عِلَاجِ هَذَا الْمَرَضِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيهِ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا- وَهُوَ أَبْلَغُهُمَا-: اسْتِخْرَاجُهُ وَإِبْطَالُهُ، كَمَا صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَأَلَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ فِي ذَلِكَ، فَدَلَّ عَلَيْهِ، فَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ بِئْرٍ، فَكَانَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، وَجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، فَلَمَّا اسْتَخْرَجَهُ، ذَهَبَ مَا بِهِ، حَتَّى كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَهَذَا مِنْ أَبْلَغِ مَا يُعَالَجُ بِهِ الْمَطْبُوبُ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ إِزَالَةِ الْمَادَّةِ الْخَبِيثَةِ وَقَلْعِهَا مِنَ الْجَسَدِ بِالِاسْتِفْرَاغِ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: الِاسْتِفْرَاغُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَصِلُ إِلَيْهِ أَذَى السِّحْرِ، فَإِنَّ لِلسِّحْرِ تَأْثِيرًا فِي الطَّبِيعَةِ، وَهَيَجَانَ أَخْلَاطِهَا، وَتَشْوِيشَ مِزَاجِهَا، فَإِذَا ظَهَرَ أَثَرُهُ فِي عُضْوٍ، وَأَمْكَنَ اسْتِفْرَاغُ الْمَادَّةِ الرَّدِيئَةِ مِنْ ذَلِكَ الْعُضْوِ، نَفَعَ جِدًّا.
وَقَدْ ذَكَرَ أبو عبيد فِي كِتَابِ «غَرِيبِ الْحَدِيثِ» لَهُ بِإِسْنَادِهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ عَلَى رَأْسِهِ بِقَرْنٍ حِينَ طُبَّ [2] . قَالَ أبو عبيد: مَعْنَى طُبَّ: أَيْ سُحِرَ.
وَقَدْ أَشْكَلَ هَذَا عَلَى مَنْ قَلَّ عِلْمُهُ، وَقَالَ: مَا لِلْحِجَامَةِ وَالسِّحْرِ، وَمَا الرَّابِطَةُ بَيْنَ هَذَا الدَّاءِ وَهَذَا الدَّوَاءِ، وَلَوْ وَجَدَ هَذَا الْقَائِلُ أبقراط، أَوِ ابْنَ سِينَا، أَوْ غَيْرَهُمَا قَدْ نَصَّ عَلَى هَذَا الْعِلَاجِ، لَتَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ، وَقَالَ: قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ مَنْ لَا يُشَكَّ فِي مَعْرِفَتِهِ وَفَضْلِهِ.

[1] أخرجه البخاري في الطب، ومسلم في باب السحر.
[2] هذا الحديث لا يصح
اسم الکتاب : الطب النبوي المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 93
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست