responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطب النبوي المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 278
وَفِي سُنَنِ أبي داود: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ قَدْ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ فَقَالَ: «مَا أَحْسَنَ هَذَا؟» فَمَرَّ آخَرُ قَدْ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ، فَقَالَ: «هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا» فَمَرَّ آخَرُ قَدْ خَضَبَ بِالصُّفْرَةِ، فَقَالَ: «هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ» [1] .
قَالَ الغافقي: الكتم نبت بِالسُّهُولِ، وَرَقُهُ قَرِيبٌ مِنْ وَرَقِ الزَّيْتُونِ، يَعْلُو فَوْقَ الْقَامَةِ، وَلَهُ ثَمَرٌ قَدْرَ حَبِّ الْفُلْفُلِ، فِي دَاخِلِهِ نَوًى، إِذَا رُضِخَ اسْوَدَّ؛ وَإِذَا اسْتُخْرِجَتْ عُصَارَةُ وَرَقِهِ، وَشُرِبَ مِنْهَا قَدْرُ أُوقِيَّةٍ، قَيَّأَ قَيْئًا شَدِيدًا، وَيَنْفَعُ عَنْ عَضَّةِ الْكَلْبِ. وَأَصْلُهُ إِذَا طُبِخَ بِالْمَاءِ كَانَ مِنْهُ مِدَادٌ يُكْتَبُ بِهِ.
وَقَالَ الكندي: بَزْرُ الْكَتَمِ إِذَا اكْتُحِلَ بِهِ، حَلَّلَ الْمَاءَ النَّازِلَ فِي الْعَيْنِ وَأَبْرَأَهَا.
وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الْكَتَمَ هُوَ الْوَسْمَةُ، وَهِيَ وَرَقُ النِّيلِ، وَهَذَا وَهْمٌ، فَإِنَّ الْوَسْمَةَ غَيْرُ الْكَتَمِ. قَالَ صَاحِبُ «الصِّحَاحِ» : الْكَتَمُ بِالتَّحْرِيكِ: نَبْتٌ يُخْلَطُ بِالْوَسْمَةِ يُخْتَضَبُ بِهِ. قِيلَ: وَالْوَسْمَةُ نَبَاتٌ لَهُ وَرَقٌ طَوِيلٌ يَضْرِبُ لَوْنُهُ إِلَى الزُّرْقَةِ أَكْبَرُ مِنْ وَرَقِ الْخِلَافِ، يُشْبِهُ وَرَقَ اللُّوبِيَا، وَأَكْبَرُ مِنْهُ، يُؤْتَى بِهِ مِنَ الْحِجَازِ وَالْيَمَنِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحِ» عَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: لَمْ يَخْتَضِبِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [2] .
قِيلَ: قَدِ أَجَابَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ هَذَا وَقَالَ: قَدْ شَهِدَ بِهِ غَيْرُ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَضَبَ، وَلَيْسَ مَنْ شَهِدَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ، فأحمد أَثْبَتَ خِضَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، ومالك أَنْكَرَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ ثَبَتَ فِي «صَحِيحِ مسلم» النَّهْيُ عَنِ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ فِي شَأْنِ أبي قحافة لَمَّا أُتِيَ بِهِ وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فقال: «غيّروا هذا الشّيب وجنّبوه السّواد» [3] .

[1] أخرجه أبو داود وابن ماجة.
[2] أخرجه البخاري ومسلم.
[3] أخرجه مسلم في اللباس.
اسم الکتاب : الطب النبوي المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 278
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست