responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطب النبوي المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 117
وَالثَّانِي: مَا لَا تَعَافُهُ النَّفْسُ كَالشَّرَابِ الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ الْحَوَامِلُ مَثَلًا، فَهَذَا ضَرَرُهُ أَكْثَرُ مِنْ نَفْعِهِ، وَالْعَقْلُ يَقْضِي بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ، فَالْعَقْلُ وَالْفِطْرَةُ مطابق للشرع في ذلك.
وها هنا سِرٌّ لَطِيفٌ فِي كَوْنِ الْمُحَرَّمَاتِ لَا يُسْتَشْفَى بِهَا، فَإِنَّ شَرْطَ الشِّفَاءِ بِالدَّوَاءِ تَلَقِّيهِ بِالْقَبُولِ، وَاعْتِقَادُ مَنْفَعَتِهِ، وَمَا جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ بَرَكَةِ الشِّفَاءِ، فَإِنَّ النَّافِعَ هُوَ الْمُبَارَكُ، وَأَنْفَعُ الْأَشْيَاءِ أَبْرَكُهَا، وَالْمُبَارَكُ مِنَ النَّاسِ أَيْنَمَا كَانَ هُوَ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ حَيْثُ حَلَّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ اعْتِقَادَ الْمُسْلِمِ تَحْرِيمَ هَذِهِ الْعَيْنِ مِمَّا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اعْتِقَادِ بَرَكَتِهَا وَمَنْفَعَتِهَا، وَبَيْنَ حُسْنِ ظَنِّهِ بِهَا، وَتَلَقِّي طَبْعِهِ لَهَا بِالْقَبُولِ، بَلْ كُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَعْظَمَ إِيمَانًا، كَانَ أَكْرَهَ لَهَا وَأَسْوَأَ اعْتِقَادًا فِيهَا، وَطَبْعُهُ أَكْرَهَ شَيْءٍ لَهَا، فَإِذَا تَنَاوَلَهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ، كَانَتْ دَاءً لَهُ لَا دَوَاءً إِلَّا أَنْ يَزُولَ اعْتِقَادُ الْخُبْثِ فِيهَا، وَسُوءُ الظَّنِّ وَالْكَرَاهَةُ لَهَا بِالْمَحَبَّةِ، وَهَذَا يُنَافِي الْإِيمَانَ فَلَا يَتَنَاوَلُهَا الْمُؤْمِنُ قَطُّ إِلَّا عَلَى وَجْهِ دَاءٍ، وَاللَّهُ أعلم.

فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِلَاجِ الْقَمْلِ الَّذِي فِي الرَّأْسِ وَإِزَالَتِهِ
فِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: كَانَ بِي أَذًى مِنْ رَأْسِي، فَحُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: «مَا كُنْتُ أَرَى الْجَهْدَ قَدْ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى» ، وَفِي رِوَايَةٍ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ، وَأَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةٍ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ [1] .
الْقَمْلُ يَتَوَلَّدُ فِي الرَّأْسِ وَالْبَدَنِ مِنْ شَيْئَيْنِ: خَارِجٍ عَنِ الْبَدَنِ وَدَاخِلٍ فِيهِ، فَالْخَارِجُ: الْوَسَخُ وَالدَّنَسُ الْمُتَرَاكِمُ فِي سَطْحِ الْجَسَدِ، وَالثَّانِي مِنْ خَلْطٍ رَدِيءٍ عَفِنٍ تَدْفَعُهُ الطَّبِيعَةُ بَيْنَ الْجِلْدِ وَاللَّحْمِ، فَيَتَعَفَّنُ بِالرُّطُوبَةِ الدَّمَوِيَّةِ فِي الْبَشَرَةِ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنَ الْمَسَامِّ، فَيَكُونُ مِنْهُ الْقَمْلُ، وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ العلل والأسقام، وبسبب

[1] أخرجه البخاري ومسلم في الحج وأخرجه الإمام أحمد أيضا
اسم الکتاب : الطب النبوي المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 117
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست