responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطب النبوي المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 104
وَقَاعِدَةُ الْبَابِ إِجْمَاعًا وَنِزَاعًا: أَنَّ سِرَايَةَ الْجِنَايَةِ مَضْمُونَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَسِرَايَةُ الْوَاجِبِ مُهْدَرَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَمَا بَيْنَهُمَا فَفِيهِ النِّزَاعُ. فأبو حنيفة أَوْجَبَ ضَمَانَهُ مُطْلَقًا، وأحمد ومالك أَهْدَرَا ضَمَانَهُ، وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ بَيْنَ الْمُقَدَّرِ، فَأَهْدَرَ ضَمَانَهُ، وَبَيْنَ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ فَأَوْجَبَ ضَمَانَهُ. فأبو حنيفة نَظَرَ إِلَى أَنَّ الْإِذْنَ فِي الْفِعْلِ إِنَّمَا وَقَعَ مَشْرُوطًا بِالسَّلَامَةِ، وأحمد ومالك نَظَرَا إِلَى أَنَّ الْإِذْنَ أَسْقَطَ الضَّمَانَ، وَالشَّافِعِيُّ نَظَرَ إِلَى أَنَّ الْمُقَدَّرَ لَا يُمْكِنُ النُّقْصَانُ مِنْهُ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّصِّ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُقَدَّرِ كَالتَّعْزِيرَاتِ، وَالتَّأْدِيبَاتِ، فَاجْتِهَادِيَّةٌ، فَإِذَا تَلِفَ بها، ضمن، لأنه في مظنّة العدوان.

فصل
القسم الثاني: متطبّب جَاهِلٌ بَاشَرَتْ يَدُهُ مَنْ يَطِبُّهُ، فَتَلِفَ بِهِ، فَهَذَا إِنْ عَلِمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ جَاهِلٌ لَا عِلْمَ لَهُ، وَأَذِنَ لَهُ فِي طِبِّهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَا تُخَالِفُ هَذِهِ الصُّورَةُ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ السِّيَاقَ وَقُوَّةَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَرَّ الْعَلِيلَ، وَأَوْهَمَهُ أَنَّهُ طَبِيبٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنْ ظَنَّ الْمَرِيضُ أَنَّهُ طَبِيبٌ، وَأَذِنَ لَهُ فِي طَبِّهِ لِأَجْلِ مَعْرِفَتِهِ، ضَمِنَ الطَّبِيبُ مَا جَنَتْ يَدُهُ، وَكَذَلِكَ إِنْ وَصَفَ لَهُ دَوَاءً يَسْتَعْمِلُهُ، وَالْعَلِيلُ يَظُنُّ أَنَّهُ وَصَفَهُ لِمَعْرِفَتِهِ وَحِذْقِهِ فَتَلِفَ بِهِ، ضَمِنَهُ، وَالْحَدِيثُ ظَاهِرٌ فِيهِ أو صريح.
فَصْلٌ
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: طَبِيبٌ حَاذِقٌ، أَذِنَ لَهُ، وَأَعْطَى الصَّنْعَةَ حَقَّهَا، لَكِنَّهُ أَخْطَأَتْ يَدُهُ، وَتَعَدَّتْ إِلَى عُضْوٍ صَحِيحٍ فَأَتْلَفَهُ، مِثْلَ: أَنْ سَبَقَتْ يَدُ الْخَاتِنِ إِلَى الْكَمَرَةِ، فَهَذَا يَضْمَنُ، لِأَنَّهَا جِنَايَةُ خَطَأٍ، ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الثُّلُثَ فَمَا زَادَ، فَهُوَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ، فَهَلْ تَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، أَوْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أحمد. وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الطَّبِيبُ ذِمِّيًّا، فَفِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، فَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ، أَوْ تَعَذَّرَ تَحْمِيلُهُ، فَهَلْ تَسْقُطُ الدِّيَةُ، أَوْ تَجِبُ فِي مال الجاني؟ فيه وجهان أشهرهما: سقوطها.

اسم الکتاب : الطب النبوي المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست