اسم الکتاب : الصلاة وأحكام تاركها المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 63
بعضها ببعض تعلق المشروط بشرطه، وقد لايكون كذلك فيبقى النظر في الصلاة: هل هي شرط لصحة الإيمان؟ هذا سر المسألة, والأدلة التي ذكرناها وغيرها تدل على أنه لا يقبل من العبد شيء من أعماله إلا بفعل الصلاة فهي مفتاح ديوانه ورأس مال ربحه ومحال بقاء الربح بلا رأس مال فإذا خسرها خسر أعماله كلها وإن أتى بها صورة, وقد أشار إلى هذا في قوله: "فإن ضيعها فهو لما سواها أضيع". وفي قوله: "أول ما ينظر من أعماله الصلاة, فإن جازت له نظر في سائر أعماله، وإن لم تجز له لم ينظر في شيء من أعماله بعد".
وومن العجب أن يقع الشك في كفر من أصر على تركها, ودعى إلى فعلها على رؤوس الملأ وهو يرى بارقة السيف على رأسه ويشد للقتل وعصبت عيناه وقيل له تصلي وإلا قتلناك فيقول اقتلوني ولا أصلي أبدا! ومن لا يكفر تارك الصلاة يقول هذا مؤمن مسلم يغسل يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين, وبعضهم يقول إنه مؤمن كامل الإيمان إيمانه كإيمانه جبريل وميكائيل فلا يستحي من هذا قوله من إنكاره تكفير من شهد بكفره الكتاب والسنة واتفاق الصحابة والله الموفق.
فصل
في سياق أقوال العلماء من التابعين ومن بعدهم في كفر تارك الصلاة ومن حكى الإجماع على ذلك, وقال محمد بن نصر: حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن أيوب قال: ترك الصلاة كفر لا يختلف فيه, وحكى محمد بن نصر عن ابن المبارك قال: من أخر صلاة حتى يفوت وقتها متعمدا من غير عذر فقد كفر, وقال علي بن الحسن بن شقيق: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: من قال إني لا أصلي المكتوبة اليوم فهو أكفر من حمار. وقال يحيى بن معين: قيل لعبد الله بن المبارك إن هؤلاء يقولون من لم يصم ولم يصل بعد أن يقر به فهو مؤمن مستكمل الإيمان, فقال عبد الله: لا نقول نحن ما يقول هؤلاء من ترك الصلاة متعمدا من غير علة حتى أدخل وقتا في وقت فهو كافر.
وقال ابن أبي شيبة قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من ترك الصلاة فقد كفر" , فيقال له ارجع عن الكفر فإن فعل وإلا قتل بعد أن يؤجله الوالي ثلاثة أيام.
اسم الکتاب : الصلاة وأحكام تاركها المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 63