اسم الکتاب : التبيان في أقسام القرآن المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 423
الآدمي ناطق وقال الزجاج هذا كما تقول في الكلام إن هذا لحق كما انك ههنا
قلت وفي الحديث إنه لحق كما أنك ههنا فشبه سبحانه تحقيق ما أخبر به بتحقيق نطق الآدمي ووجوده والواحد منا يعرف أنه ناطق ضرورة ولا يحتاج نطقه إلى الاستدلال على وجوده ولا يخالجه شك في أنه ناطق فكذلك ما أخبر الله عنه من أمر التوحيد والنبوة والمعاد وأسمائه وصفاته حق ثابت في نفس الأمر يشبه بثبوت نطقكم ووجوده وهذا باب يعرفه الناس في كلامهم يقول أحدهم هذا حق مثل الشمس وأفصح الشاعر عن هذا بقوله:
وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل
وههنا أمر ينبغي التفطن له وهو أن الرب تعالى شهد بصحة ما أخبر به وهو أصدق الصادقين وأقسم عليه وهو أبر المقسمين وأكده بتشبيهه بالواقع الذي لا يقبل الشك بوجه وأقام عليه من الأدلة العيانية والبرهانية ما جعله معايناً مشاهداً بالبصائر وإن لم يعاين بالأبصار ومع ذلك فأكثر النفوس في غفلة عنه لا تستعد له ولا تأخذ له أهبة والمستعد له الآخذ له أهبة لا يعطيه حقه منهم إلا الفرد بعد الفرد فأكثر الخلق لا ينظرون في المراد من إيجادهم وإخراجهم إلى هذه الدار ولا يتفكرون في قلة مقامهم
اسم الکتاب : التبيان في أقسام القرآن المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 423