اسم الکتاب : التبيان في أقسام القرآن المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 143
فيصيب بها من يشاء فإرساله واقع على ذلك كله وهو نوعان إرسال دين يحبه ويرضاه كإرسال رسله وأنبيائه وإرسال كون وهو نوعان نوع يحبه ويرضاه كإرسال ملائكته في تدبير أمر خلقه ونوع لا يحبه بل يسخطه ويبغضه كإرسال الشيطان على الكفار
فالإرسال المقسم به هاهنا مقيد بالعرف فإما أن يكون ضد المنكر فهو إرسال رسله من الملائكة ولا يدخل في ذلك إرسال الرياح ولا الصواعق ولا الشياطين وأما إرسال الأنبياء فلو أريد لقال والمرسلين وليس بالفصيح تسمية الأنبياء مرسلات وتكلف الجماعات المرسلات خلاف المعهود من استعمال اللفظ فلم يطلق في القرآن جمع ذلك إلا جمع تذكير لا جمع تأنيث وأيضاً فاقتران اللفظة بما بعدها من الأقسام لا يناسب تفسيرها بالأنبياء وأيضاً فإن الرسل مقسم عليهم في القرآن لا مقسم بهم كقولهم {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ} وقوله {وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} وقوله {يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} وإن كان العرف من التابع كعرف الفرس وعرف الديك والناس إلى فلان عرف واحد أي سابقون في قصده والتوجه إليه جاز أن تكون المرسلات الرياح ويؤيده عطف العاصفات عليه والناشرات وجاز أن تكون الملائكة وجاز أن يعم النوعين لوقوع الإرسال عرفاً عليهما ويؤيده أن الرياح موكل بها ملائكة تسوقها وتصرفها ويؤيد كونها الرياح
اسم الکتاب : التبيان في أقسام القرآن المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 143