اسم الکتاب : إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 70
وفي مسند الإمام احمد من حديث مسروق عن عائشة قالت: "دخل على النبي صلى الله عليه وسلم رجلان فاغلظ لهما وسبهما قالت فقلت: يا رسول الله لمن اصاب منك خير ما اصاب هذان منك خير قالت فقال "أو ما علمت ما عاهدت عليه ربي عز وجل قلت ايما مؤمن سببته أو جلدته أو لعنته فاجعلهما له مغفرة وعافية" وفي الصحيحين من حديث ابي هريرة انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم ايما عبد مؤمن سببته فاجعل ذلك قربة اليك يوم القيامة" وفي بعض الفاظ الحديث "انما انا بشر ارضى كما يرضى البشر واغضب كما يغضب البشر فايما مؤمن سببته أو لعنته فاجعلها له زكاة" فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم مريدا لما دعا به في الغضب لما شرط على ربه وساله ان يفعل بالمدعو عليه ضد ذلك اذ من الممتنع اجتماع إرادة الضدين وقد صرح بإرادة احدهما مشترطا على ربه فدل على عموم إرادته لما دعا به في الحال الغضب هذا وهو النبي صلى الله عليه وسلم معصوم الغضب كما هو معصوم الرضا وهو مالك لفظه بتصرفه فكيف بمن لم يعصمه في غضبه وتمليكه ويتصرف فيه غضبه ويتلاعب الشيطان به فيه وإذا كان الغضبان يتكلم بما لا يريده ولا يريد مضمونه فهو بمنزلة المكره الذي يلجا إلى الكلام أو يتكلم به باختياره ولا يريد مضمونه والله اعلم. "فان قيل": ما ذكر ثم معارض بما يدل على وقوع الطلاق فان الغضبان اتى بالسبب اختيارا واراد في حال الغضب ترتب اثره عليه ولا يضر عدم إرادته له في حال
اسم الکتاب : إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 70