responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 95
[فَصْلٌ الْحِكْمَةُ فِي رَدِّ شَهَادَةِ الْكَذَّابِ]
فَصْلٌ:
[الْحِكْمَةُ فِي رَدِّ شَهَادَةِ الْكَذَّابِ]
وَأَقْوَى الْأَسْبَابِ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ وَالْفُتْيَا وَالرِّوَايَةِ الْكَذِبُ؛ لِأَنَّهُ فَسَادٌ فِي نَفْسِ آلَةِ الشَّهَادَةِ وَالْفُتْيَا وَالرِّوَايَةِ، فَهُوَ بِمَثَابَةِ شَهَادَةِ الْأَعْمَى عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، وَشَهَادَةِ الْأَصَمِّ الَّذِي لَا يَسْمَعُ عَلَى إقْرَارِ الْمُقِرِّ؛ فَإِنَّ اللِّسَانَ الْكَذُوبَ بِمَنْزِلَةِ الْعُضْوِ الَّذِي قَدْ تَعَطَّلَ نَفْعُهُ، بَلْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، فَشَرُّ مَا فِي الْمَرْءِ لِسَانٌ كَذُوبٌ؛ وَلِهَذَا يَجْعَلُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ شِعَارَ الْكَاذِبِ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِعَارَ الْكَاذِبِ عَلَى رَسُولِهِ سَوَادَ وُجُوهِهِمْ، وَالْكَذِبُ لَهُ تَأْثِيرٌ عَظِيمٌ فِي سَوَادِ الْوَجْهِ، وَيَكْسُوهُ بُرْقُعًا مِنْ الْمَقْتِ يَرَاهُ كُلُّ صَادِقٍ؛ فَسِيَّمَا الْكَاذِبُ فِي وَجْهِهِ يُنَادَى عَلَيْهِ لِمَنْ لَهُ عَيْنَانِ، وَالصَّادِقُ يَرْزُقُهُ اللَّهُ مَهَابَةً وَجَلَالَةً، فَمَنْ رَآهُ هَابَهُ وَأَحَبَّهُ، وَالْكَاذِبُ يَرْزُقُهُ إهَانَةً وَمَقْتًا، فَمَنْ رَآهُ مَقَتَهُ وَاحْتَقَرَهُ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[فَصْلٌ شَهَادَةِ الْمَجْلُودِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ]
. فَصْلٌ
[رَدُّ شَهَادَةِ الْمَجْلُودِ فِي حَدِّ الْقَذْفِ]
وَقَوْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي كِتَابِهِ " أَوْ مَجْلُودًا فِي حَدٍّ " الْمُرَادُ بِهِ الْقَاذِفُ إذَا حُدَّ لِلْقَذْفِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ قَبْلَ التَّوْبَةِ، وَالْقُرْآنُ نَصٌّ فِيهِ؛ وَأَمَّا إذَا تَابَ فَفِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ لِلْعُلَمَاءِ:
أَحَدُهُمَا: لَا تُقْبَلُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ.
وَالثَّانِي: تُقْبَلُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِكٍ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: شَهَادَةُ الْفَاسِقِ لَا تَجُوزُ وَإِنْ تَابَ، وَقَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ: ثنا أَبُو الْوَلِيدِ ثنا قَيْسٌ عَنْ سَالِمٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرَةَ إذَا أَتَاهُ رَجُلٌ يُشْهِدُهُ قَالَ: أَشْهِدْ غَيْرِي، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ فَسَّقُونِي، وَهَذَا ثَابِتٌ عَنْ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ وَمَسْرُوقٍ وَالشَّعْبِيِّ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ.
وَاحْتَجَّ أَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَبَّدَ الْمَنْعَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ بِقَوْلِهِ: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] ، وَحَكَمَ عَلَيْهِمْ بِالْفِسْقِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى التَّائِبِينَ مِنْ الْفَاسِقِينَ، وَبَقِيَ الْمَنْعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَتَأْبِيدِهِ. قَالُوا: وَقَدْ رَوَى أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيّ عَنْ آدَمَ بْنِ فَائِدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا مَحْدُودٍ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا مَحْدُودَةٍ، وَلَا ذِي غَمْرٍ عَلَى أَخِيهِ» وَلَهُ طُرُقٌ إلَى عَمْرٍو.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست