responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 92
وَأَمَّا شَهَادَةُ الْأَخِ لِأَخِيهِ فَالْجُمْهُورُ يُجِيزُونَهَا، وَهُوَ الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي عِيَالِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: لَا تَجُوزُ إلَّا عَلَى شَرْطٍ؛ ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَنْ يَكُونَ مُبْرِزًا فِي الْعَدَالَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا لَمْ تَنَلْهُ صِلَتُهُ، وَقَالَ أَشْهَبُ: تَجُوزُ فِي الْيَسِيرِ دُونَ الْكَثِيرِ، فَإِنْ كَانَ مُبْرِزًا جَازَ فِي الْكَثِيرِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تُقْبَلُ مُطْلَقًا إلَّا فِيمَا تَصِحُّ فِيهِ التُّهْمَةُ، مِثْلُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِمَا يَكْسِبُ بِهِ الشَّاهِدُ شَرَفًا وَجَاهًا.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الِابْنِ لِأَبِيهِ وَالْأَبِ لِابْنِهِ فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ؛ فَعَنْهُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: الْمَنْعُ، وَالْقَبُولُ فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ شَهَادَةِ الِابْنِ لِأَبِيهِ فَتُقْبَلُ وَشَهَادَةُ الْأَبِ لِابْنِهِ فَلَا تُقْبَلُ، وَاخْتَارَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْقَبُولَ كَالْأَجْنَبِيِّ.
وَأَمَّا شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى قَبُولِهَا، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي قَوْله تَعَالَى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} [النساء: 135] .
وَقَدْ حَكَى بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ عَنْهُ رِوَايَةً ثَانِيَةً أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ؛ قَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي: وَلَمْ أَجِدْ فِي الْجَامِعِ، يَعْنِي جَامِعَ الْخَلَّالِ، خِلَافًا عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا تُقْبَلُ.
وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ فِي قِصَاصٍ وَلَا حَدِّ قَذْفٍ، قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِقَتْلِهِ، وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ، وَهَذَا قِيَاسٌ ضَعِيفٌ جِدًّا، فَإِنَّ الْحَدَّ وَالْقَتْلَ فِي صُورَةِ الْمَنْعِ لِكَوْنِ الْمُسْتَحِقِّ هُوَ الِابْنُ، وَهُنَا الْمُسْتَحِقُّ أَجْنَبِيٌّ.
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ احْتِمَالَ التُّهْمَةِ بَيْنَ الْوَلَدِ وَوَالِدِهِ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ أَنَّ شَهَادَةَ الْوَارِثِ لِمُوَرِّثِهِ جَائِزَةٌ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ تَطَرُّقَ التُّهْمَةِ إلَيْهِ مِثْلُ تَطَرُّقِهَا إلَى الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الِابْنَيْنِ عَلَى أَبِيهِمَا بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا جَائِزَةٌ، مَعَ أَنَّهَا شَهَادَةٌ لِلْأُمِّ، وَيَتَوَفَّرُ حَظُّهَا مِنْ الْمِيرَاثِ، وَيَخْلُو لَهَا وَجْهُ الزَّوْجِ، وَلَمْ تُرَدَّ هَذِهِ الشَّهَادَةُ بِاحْتِمَالِ التُّهْمَةِ؛ فَشَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَالِدِهِ وَعَكْسُهُ بِحَيْثُ لَا تُهْمَةَ هُنَاكَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الَّذِي نَدِينُ اللَّهَ بِهِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ

[فَصْلٌ شَاهِدُ الزُّورِ]
. فَصْلٌ:
[شَاهِدُ الزُّورِ]
وَقَوْلُهُ: " إلَّا مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ مِنْ شَهَادَةِ الزُّورِ تَسْتَقِلُّ بِرَدِّ الشَّهَادَةِ، وَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي كِتَابِهِ بَيْنَ الْإِشْرَاكِ وَقَوْلِ الزُّورِ، وَقَالَ تَعَالَى:

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 92
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست