responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 84
الصُّلْحُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ]
وَقَوْلُهُ: " وَالصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا " هَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إلَّا صُلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ، إلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ؛ وَقَدْ نَدَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إلَى الصُّلْحِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ فِي الدِّمَاءِ فَقَالَ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] وَنَدَبَ الزَّوْجَيْنِ إلَى الصُّلْحِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي حُقُوقِهِمَا، فَقَالَ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] وَقَالَ تَعَالَى: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النساء: 114] وَأَصْلَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لَمَّا وَقَعَ بَيْنَهُمْ، وَلَمَّا تَنَازَعَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ فِي دَيْنٍ عَلَى ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ، أَصْلَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ اسْتَوْضَعَ مِنْ دَيْنِ كَعْبٍ الشَّطْرَ وَ [أَمَرَ] غَرِيمَهُ بِقَضَاءِ الشَّطْرِ، وَقَالَ لِرَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا عِنْدَهُ: «اذْهَبَا فَاقْتَسِمَا ثُمَّ تَوَخَّيَا الْحَقَّ ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ لْيُحْلِلْ كُلٌّ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ» وَقَالَ: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضٍ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ» وَجَوَّزَ فِي دَمِ الْعَمْدِ أَنْ يَأْخُذَ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ، وَلَمَّا «اُسْتُشْهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَالِدُ جَابِرٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، سَأَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غُرَمَاءَهُ أَنْ يَقْبَلُوا ثَمَرَ حَائِطَةِ وَيُحْلِلُوا أَبَاهُ» .
وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْمُخَارَجَةِ، يَعْنِي الصُّلْحَ فِي الْمِيرَاثِ؛ وَسُمِّيَتْ الْمُخَارَجَةُ لِأَنَّ الْوَارِثَ يُعْطَى مَا يُصَالِحُ عَلَيْهِ وَيُخْرِجُ نَفْسَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَصُولِحَتْ امْرَأَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مِنْ نَصِيبِهَا مِنْ رُبُعِ الثُّمُنِ عَلَى ثَمَانِينَ أَلْفًا، وَقَدْ رَوَى مِسْعَرٌ عَنْ أَزْهَرَ عَنْ مُحَارِبٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: " رُدُّوا الْخُصُومَ حَتَّى يَصْطَلِحُوا فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُحْدِثُ بَيْنَ الْقَوْمِ الضَّغَائِنَ ".
وَقَالَ عُمَرُ أَيْضًا " رُدُّوا الْخُصُومَ لَعَلَّهُمْ أَنْ يَصْطَلِحُوا، فَإِنَّهُ آثَرُ لِلصِّدْقِ، وَأَقَلُّ لِلْخِيَانَةِ ".
وَقَالَ عُمَرُ أَيْضًا: " رُدُّوا الْخُصُومَ إذَا كَانَتْ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ، فَإِنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ يُورِثُ بَيْنَهُمْ الشَّنَآنَ "

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 84
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست