responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 66
فَهَذَا مِنْ أَلْطَفِ فَهْمِ النُّصُوصِ وَأَدَقِّهِ، وَمِنْهُ رَأْيُهُ فِي الْكَلَالَةِ أَنَّهَا مَا عَدَا الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ الْكَلَالَةَ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْقُرْآنِ؛ فَفِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ وَرِثَ مَعَهَا الْأَخُ وَالْأُخْتُ مِنْ الْأُمِّ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذِهِ الْكَلَالَةَ مَا عَدَا الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ، وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي وَرِثَ مَعَهَا وَلَدُ الْأَبَوَيْنِ أَوْ الْأَبُ النِّصْفَ أَوْ الثُّلُثَيْنِ، فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْكَلَالَةِ، وَالصَّحِيحُ فِيهَا قَوْلُ الصِّدِّيقِ الَّذِي لَا قَوْلَ سِوَاهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلُغَةِ الْعَرَبِ كَمَا قَالَ:
وَرِثْتُمْ قَنَاةَ الْمَجْدِ لَا عَنْ كَلَالَةٍ ... عَنْ ابْنَيْ مَنَافٍ عَبْدِ شَمْسٍ وَهَاشِمِ
أَيْ إنَّمَا وَرِثْتُمُوهَا عَنْ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ، لَا عَنْ حَوَاشِي النَّسَبِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَرِثُ وَلَدُ الْأَبِ وَالْأَبَوَيْنِ لَا مَعَ أَبٍ وَلَا مَعَ جَدٍّ، كَمَا لَمْ يَرِثُوا مَعَ الِابْنِ وَلَا ابْنِهِ، وَإِنَّمَا وَرِثُوا مَعَ الْبَنَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ عَصَبَةٌ فَلَهُمْ مَا فَضَلَ عَنْ الْفُرُوضِ.

[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ الرَّأْيِ الْمَحْمُودِ]
فَصْلٌ.
[النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ الرَّأْيِ الْمَحْمُودِ]
النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ الرَّأْيِ الْمَحْمُودِ: الَّذِي تَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ، وَتَلَقَّاهُ خَلْفُهُمْ عَنْ سَلَفِهِمْ؛ فَإِنَّ مَا تَوَاطَئُوا عَلَيْهِ مِنْ الرَّأْيِ لَا يَكُونُ إلَّا صَوَابًا، كَمَا تَوَاطَئُوا عَلَيْهِ مِنْ الرِّوَايَةِ وَالرُّؤْيَا، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَصْحَابِهِ وَقَدْ تَعَدَّدَتْ مِنْهُمْ رُؤْيَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ: «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ» فَاعْتَبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَوَاطُؤَ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِينَ، فَالْأُمَّةُ مَعْصُومَةٌ فِيمَا تَوَاطَأَتْ عَلَيْهِ مِنْ رِوَايَتِهَا وَرُؤْيَاهَا، وَلِهَذَا كَانَ مِنْ سَدَادِ الرَّأْيِ وَإِصَابَتِهِ أَنْ يَكُونَ شُورَى بَيْنَ أَهْلِهِ، وَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ وَاحِدٌ، وَقَدْ مَدَحَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِكَوْنِ أَمْرِهِمْ شُورَى بَيْنَهُمْ، وَكَانَتْ النَّازِلَةُ إذَا نَزَلَتْ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَيْسَ عِنْدَهُ فِيهَا نَصٌّ عَنْ اللَّهِ وَلَا عَنْ رَسُولِهِ جَمَعَ لَهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ جَعَلَهَا شُورَى بَيْنَهُمْ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا سُنَيْدٌ ثنا يَزِيدُ عَنْ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: كَانَ إذَا جَاءَهُ الشَّيْءُ مِنْ الْقَضَاءِ لَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي السُّنَّةِ سَمَّى صَوَافِيَ الْأَمْرِ إلَيْهِمْ فَجَمَعَ لَهُ أَهْلَ الْعِلْمِ؛ فَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ رَأْيُهُمْ الْحَقُّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيُّ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يُونُسَ ثنا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَامِرٍ عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ أَقْضِ بِمَا اسْتَبَانَ لَك مِنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ كُلَّ أَقَضِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاقْضِ بِمَا

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست