responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 41
مَعْنَى التَّقَدُّمِ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ]
وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الحجرات: 1] أَيْ لَا تَقُولُوا حَتَّى يَقُولَ، وَلَا تَأْمُرُوا حَتَّى يَأْمُرَ، وَلَا تُفْتُوا حَتَّى يُفْتِيَ، وَلَا تَقْطَعُوا أَمْرًا حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَحْكُمُ فِيهِ وَيَمْضِيهِ، رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: لَا تَقُولُوا خِلَافَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنْهُ قَالَ: نُهُوا أَنْ يَتَكَلَّمُوا بَيْنَ يَدَيْ كَلَامِهِ.
وَالْقَوْلُ الْجَامِعُ فِي مَعْنَى الْآيَةِ لَا تَعْجَلُوا بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ يَفْعَلَ وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2] فَإِذَا كَانَ رَفْعُ أَصْوَاتِهِمْ فَوْقَ صَوْتِهِ سَبَبًا لِحُبُوطِ أَعْمَالِهِمْ فَكَيْف تَقْدِيمُ آرَائِهِمْ وَعُقُولِهِمْ وَأَذْوَاقِهِمْ وَسِيَاسَاتِهِمْ وَمَعَارِفِهِمْ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ وَرَفْعُهَا عَلَيْهِ؟ أَلَيْسَ هَذَا أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مُحْبِطًا لِأَعْمَالِهِمْ.
[يُنْزَعُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ]
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62] فَإِذَا جُعِلَ مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ أَنَّهُمْ لَا يَذْهَبُونَ مَذْهَبًا إذَا كَانُوا مَعَهُ إلَّا بِاسْتِئْذَانِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مِنْ لَوَازِمِهِ أَنْ لَا يَذْهَبُوا إلَى قَوْلٍ وَلَا مَذْهَبٍ عِلْمِيٍّ إلَّا بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ، وَإِذْنُهُ يُعْرَفُ بِدَلَالَةِ مَا جَاءَ بِهِ عَلَى أَنَّهُ أَذِنَ فِيهِ.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: حَجَّ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إنَّ اللَّهَ لَا يَنْزِعُ الْعِلْمَ بَعْدَ إذْ أَعْطَاكُمُوهُ انْتِزَاعًا، وَلَكِنْ يَنْزِعُهُ مَعَ قَبْضِ الْعُلَمَاءِ بِعِلْمِهِمْ، فَيَبْقَى نَاسٌ جُهَّالٌ يُسْتَفْتَوْنَ فَيُفْتُونَ بِرَأْيِهِمْ، فَيُضَلُّونَ وَيَضِلُّونَ» .
وَقَالَ وَكِيعٌ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَنْزِعُ اللَّهَ الْعِلْمَ مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ، وَلَكِنْ يَنْزِعُ الْعِلْمَ بِمَوْتِ الْعُلَمَاءِ، فَإِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا فَقَالُوا بِالرَّأْيِ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أُخْتِي بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو مَارٌّ بِنَا إلَى الْحَجِّ، فَالْقَهُ فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ قَدْ حَمَلَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِلْمًا كَثِيرًا، قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ عَنْ أَشْيَاءَ يَذْكُرُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ عُرْوَةُ: فَكَانَ فِيمَا ذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ لَا

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست