responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 288
الْأَبِ فَرْضًا وَتَعْصِيبًا فِي غَيْرِ مَحَلِّ النِّزَاعِ، فَمَا الَّذِي أَخْرَجَهُ عَنْ أُبُوَّتِهِ فِي بَابِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ؟ فَإِنْ اعْتَبَرْنَا تِلْكَ الْأَبْوَابَ فَالْأَمْرُ فِي أُبُوَّتِهِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ ظَاهِرٌ، وَإِنْ اعْتَبَرْنَا بَابَ الْمِيرَاثِ فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ وَأَظْهَرُ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ التَّاسِعَ عَشَرَ: [وَهُوَ] أَنَّ الَّذِينَ وَرَّثُوا الْإِخْوَةَ مَعَهُ إنَّمَا وَرَّثُوهُمْ لِمُسَاوَاةِ تَعْصِيبِهِ لِتَعْصِيبِهِمْ، ثُمَّ نَقَضُوا الْأَصْلَ: فَقَدَّمُوا تَعْصِيبَهُمْ عَلَى تَعْصِيبِهِ فِي بَابِ الْوَلَاءِ وَأَسْقَطُوهُ بِالْإِخْوَةِ لِقُوَّةِ تَعْصِيبِهِمْ عِنْدَهُمْ، ثُمَّ نَقَضُوا ذَلِكَ أَيْضًا فَقَدَّمُوا الْجَدَّ عَلَيْهِمْ فِي بَابِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ، وَأَسْقَطُوا تَعْصِيبَهُمْ بِتَعْصِيبِهِ، وَهَذَا غَايَةُ التَّنَاقُضِ وَالْخُرُوجِ عَنْ الْقِيَاسِ لَا بِنَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الْعِشْرُونَ: وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» فَإِذَا خَلَّفَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَأَخَاهَا وَجَدَّهَا، فَإِنْ كَانَ الْأَخُ أَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْبَاقِي، وَإِنْ كَانَا سَوَاءً فِي الْأَوْلَوِيَّةِ وَجَبَ اشْتِرَاكُهُمَا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْجَدُّ أَوْلَى وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ، وَإِذَا كَانَ الْجَدُّ أَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ وَجَبَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالْبَاقِي بِالنَّصِّ، وَهَذَا الْوَجْهُ كَافٍ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وَلَيْسَ الْقَصْدُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِعَيْنِهَا، بَلْ بَيَانَ دَلَالَةِ النَّصِّ وَالِاكْتِفَاءَ بِهِ عَمَّا عَدَاهُ، وَأَنَّ الْقِيَاسَ شَاهِدٌ وَتَابِعٌ، لَا أَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ فِي إثْبَاتِ حُكْمٍ مِنْ الْأَحْكَامِ لَمْ تَدُلُّ عَلَيْهِ النُّصُوصُ.
وَمِنْ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» عَنْ إثْبَاتِ التَّحْرِيمِ بِالْقِيَاسِ فِي الِاسْمِ أَوْ فِي الْحُكْمِ كَمَا فَعَلَهُ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ الِاسْتِدْلَالَ بِالنَّصِّ.
وَمِنْ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] عَنْ إثْبَاتِ قَطْعِ النَّبَّاشِ بِالْقِيَاسِ اسْمًا أَوْ حُكْمًا، إذْ السَّارِقُ يَعْنِي فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَعُرْفِ الشَّارِعِ سَارِقَ ثِيَابِ الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ.
وَمِنْ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] فِي تَنَاوُلِهِ لِكُلِّ يَمِينٍ مُنْعَقِدَةٍ يَحْلِفُ بِهَا الْمُسْلِمُونَ، مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ - سُبْحَانَهُ - فِي قَوْلِهِ: {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ كُلَّ يَمِينٍ مُنْعَقِدَةٍ فَهَذَا كَفَّارَتُهَا، وَقَدْ أَدْخَلَتْ الصَّحَابَةُ فِي هَذَا النَّصِّ الْحَلِفَ بِالْتِزَامِ الْوَاجِبَاتِ وَالْحَلِفَ بِأَحَبِّ الْقَرَابَاتِ الْمَالِيَّةِ إلَى اللَّهِ وَهُوَ الْعِتْقُ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ سُنَّةٍ مِنْهُمْ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْ بَقِيَّتِهِمْ، وَأَدْخَلَتْ فِيهِ الْحَلِفَ بِالْبَغِيضِ إلَى اللَّهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ كَمَا

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 288
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست