responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 249
[فَصْلٌ فِي قُوَّة أَدِلَّةِ الْفَرِيقَيْنِ]
فَصْلٌ [قُوَّةُ أَدِلَّةِ الْفَرِيقَيْنِ تَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ دَقِيقٍ قَالُوا: وَهَذَا غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ، وَقَطْرَةٌ مِنْ بَحْرٍ، مِنْ تَنَاقُضِ الْقِيَاسِيِّينَ الْآرَائِيِّينَ وَقَوْلِهِمْ بِالْقِيَاسِ وَتَرْكِهِمْ لِمَا هُوَ نَظِيرُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ أَوْلَى مِنْهُ وَخُرُوجِهِمْ فِي الْقِيَاسِ عَنْ مُوجَبِ الْقِيَاسِ، كَمَا أَوْجَبَ لَهُمْ مُخَالَفَةَ السُّنَنِ وَالْآثَارِ كَمَا تَقَدَّمَ الْإِشَارَةُ إلَى بَعْضِ ذَلِكَ، فَلْيُوجِدْنَا الْقِيَاسِيُّونَ حَدِيثًا وَاحِدًا صَحِيحًا صَرِيحًا غَيْرَ مَنْسُوخٍ قَدْ خَالَفْنَاهُ لِرَأْيٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ تَقْلِيدِ رَجُلٍ، وَلَنْ يَجِدُوا إلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، فَإِنْ كَانَ مُخَالَفَةُ الْقِيَاسِ دِينًا فَقَدْ أَرَيْنَاهُمْ مُخَالَفَتَهُ صَرِيحًا، ثُمَّ نَحْنُ أَسْعَدُ النَّاسِ بِمُخَالَفَتِهِ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّا إنَّمَا خَالَفْنَاهُ لِلنُّصُوصِ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلَّا الضَّلَالُ؟
فَانْظُرْ إلَى هَذَيْنِ الْبَحْرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدْ تَلَاطَمَتْ أَمْوَاجُهُمَا، وَالْحِزْبَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدْ ارْتَفَعَ فِي مُعْتَرَكِ الْحَرْبِ عَجَاجُهُمَا، فَجَرَّ كُلٌّ مِنْهُمَا جَيْشًا مِنْ الْحُجَجِ لَا تَقُومُ لَهُ الْجِبَالُ، وَتَتَضَاءَلُ لَهُ شَجَاعَةُ الْأَبْطَالِ، وَأَتَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ بِمَا خَضَعَتْ لَهُ الرِّقَابُ، وَذَلَّتْ لَهُ الصِّعَابُ، وَانْقَادَ لَهُ عِلْمُ كُلِّ عَالِمٍ، وَنَفَّذَ حُكْمَهُ كُلُّ حَاكِمٍ، وَكَانَ نِهَايَةَ قَدَمِ الْفَاضِلِ النِّحْرِيرِ الرَّاسِخِ فِي الْعِلْمِ أَنْ يَفْهَمَ عَنْهُمَا مَا قَالَاهُ، وَيُحِيطَ عِلْمًا بِمَا أَصَّلَاهُ وَفَصَّلَاهُ؛ فَلْيَعْرِفْ النَّاظِرُ فِي هَذَا الْمَقَامِ قَدْرَهُ، وَلَا يَتَعَدَّى طَوْرَهُ، وَلْيَعْلَمْ أَنَّ وَرَاءَ سَوِيقَتِهِ بِحَارًا طَامِيَةً، وَفَوْقَ مَرْتَبَتِهِ فِي الْعِلْمِ مَرَاتِبُ فَوْقَ السُّهَى عَالِيَةً، فَإِنْ وَثِقَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ مِنْ فُرْسَانِ هَذَا الْمَيْدَانِ، وَجُمْلَةِ هَؤُلَاءِ الْأَقْرَانِ، فَلْيَجْلِسْ مَجْلِسَ الْحُكْمِ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَيَحْكُمْ بِمَا يُرْضِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحِزْبَيْنِ، فَإِنَّ الدِّينَ كُلَّهُ لِلَّهِ، وَإِنْ الْحُكْمُ إلَّا لِلَّهِ، وَلَا يَنْفَعُ فِي هَذَا الْمَقَامِ: قَاعِدَةُ الْمَذْهَبِ كَيْتَ وَكَيْتَ، وَقَطَعَ بِهِ جُمْهُورٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَتَحَصَّلَ لَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ كَذَا وَكَذَا وَجْهًا، وَصَحَّحَ هَذَا الْقَوْلَ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَصَحَّحَ الْآخَرَ سَبْعَةٌ، وَإِنْ عَلَا نَسَبُ عِلْمِهِ قَالَ " نَصَّ عَلَيْهِ " فَانْقَطَعَ النِّزَاعُ، وَلُزَّ ذَلِكَ النَّصُّ فِي قَرَنِ الْإِجْمَاعِ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
فَصْلٌ [الْقَوْلُ الْوَسَطُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ]
قَالَ الْمُتَوَسِّطُونَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ: قَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ، فَكِلَاهُمَا فِي الْإِنْزَالِ أَخَوَانِ، وَفِي مَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ شَقِيقَانِ، وَكَمَا لَا يَتَنَاقَضُ الْكِتَابُ فِي نَفْسِهِ فَالْمِيزَانُ الصَّحِيحُ لَا يَتَنَاقَضُ فِي نَفْسِهِ وَلَا يَتَنَاقَضُ الْكِتَابُ وَالْمِيزَانُ، فَلَا تَتَنَاقَضُ دَلَالَةُ

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 249
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست