responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 244
دِينَارًا أَعْطَى دِينَارًا آخَرَ مَكَانَهُ، قَالَ إِسْحَاقُ كَمَا قَالَ، وَقَالَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ سَعِيدٍ: وَعَلَيْهِ الْمِثْلُ فِي الْعَصَا وَالْقَصْعَةِ وَالْقَصَبَةِ إذَا كَسَرَ وَفِي الثَّوْبِ، وَلَا أَقُولُ فِي الْعَبْدِ وَالْبَهَائِمِ وَالْحَيَوَانِ، وَصَاحِبُ الثَّوْبِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ شَقَّ الثَّوْبَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَهُ، وَاحْتَجَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ فَقَالَ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ بِيَدِهَا فَكَسَرَتْ الْقَصْعَةَ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى وَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ وَيَقُولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ، كُلُوا، فَأَكَلُوا، وَحَبَسَ الرَّسُولَ حَتَّى جَاءَتْ قَصْعَةُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ إلَى الرَّسُولِ، وَحَبَسَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِهِ» وَالْحَدِيثُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فِيهِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «طَعَامٌ بِطَعَامٍ وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ» وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ فِيهِ «قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَفَّارَةُ مَا صَنَعْتُ؟ قَالَ: إنَاءٌ مِثْلُ إنَاءٍ وَطَعَامٌ مِثْلُ طَعَامٍ» وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُهُ الصَّحِيحُ عَنْهُ عِنْدَ ابْنِ أَبِي مُوسَى، قَالَ فِي إرْشَادِهِ: وَمَنْ اسْتَهْلَكَ لِآدَمِيٍّ مَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ إنْ وُجِدَ، وَقِيلَ: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَصْحَابِهِ.
وَقَضَى عُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ عَلَى مَنْ اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ فِصْلَانًا بِفِصْلَانٍ مِثْلِهَا وَبِالْمِثْلِ قَضَى شُرَيْحٌ وَالْعَنْبَرِيُّ وَقَالَ بِهِ قَتَادَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، وَهُوَ الْحَقُّ، وَلَيْسَ مَعَ مَنْ، أَوْجَبَ الْقِيمَةَ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ أَكْثَرُ وَلَا أَكْبَرُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَدْلٍ لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ» قَالُوا: أَوْجَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إتْلَافِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْقِيمَةَ لَا الْمِثْلَ، فَقِسْنَا عَلَى هَذَا كُلَّ حَيَوَانٍ، ثُمَّ عَدَّيْنَاهُ إلَى كُلِّ [غَيْرِ] مِثْلِيٍّ، قَالُوا: وَلِأَنَّ الْقِيمَةَ أَضْبَطُ وَأَحْصَرُ بِخِلَافِ الْمِثْلِ، قَالَ الْآخَرُونَ: أَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فَعَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَسَمْعًا لَهُ وَطَاعَةً، وَلَكِنْ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَمَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ وَلَا أُرِيدَ بِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ، وَهَذَا التَّضْمِينُ الَّذِي يَضْمَنُهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ تَضْمِينِ الْمُتْلَفَاتِ، بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ تَمَلُّكِ مَالِ الْغَيْرِ بِقِيمَتِهِ، فَإِنَّ نَصِيبَ الشَّرِيكِ يَمْلِكُهُ الْمُعْتَقُ ثُمَّ يُعْتَقُ عَلَيْهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ لِيُعْتَقَ عَلَيْهِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْقَائِلِينَ بِالسِّرَايَةِ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ الْوَلَاءَ لَهُ، وَإِنْ تَنَازَعُوا: هَلْ يَسْرِي عَقِيبَ عِتْقِهِ، أَوْ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْقِيمَةَ، أَوْ يَكُونَ مَوْقُوفًا فَإِذَا أَدَّى تَبَيَّنَّ أَنَّهُ عَتَقَ مِنْ حِينِ الْعِتْقِ؟ وَهِيَ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ أَحْمَدَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.
وَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ الْقَوْلُ الثَّانِي، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ يَبْتَنِي مَا لَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ بَعْدَ عِتْقِ الْأَوَّلِ، فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يُعْتَقُ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَيَبْتَنِي عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا إذَا قَالَ أَحَدُ

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 244
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست