responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 24
وَكَانَ فَتَاوِيهِ مَبْنِيَّةً عَلَى خَمْسَةِ أُصُولٍ: [أُصُولُ فَتَاوَى أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ] أَحَدُهَا: النُّصُوصُ، فَإِذَا وَجَدَ النَّصَّ أَفْتَى بِمُوجَبِهِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى مَا خَالَفَهُ وَلَا مَنْ خَالَفَهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَلِهَذَا لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى خِلَافِ عُمَرَ فِي الْمَبْتُوتَةِ لِحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَلَا إلَى خِلَافِهِ فِي التَّيَمُّمِ لِلْجُنُبِ لِحَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَلَا خِلَافِ فِي اسْتِدَامَةِ الْمُحْرِمِ الطِّيبَ الَّذِي تَطَيَّبَ بِهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ لِصِحَّةِ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ، وَلَا خِلَافِهِ فِي مَنْعِ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ مِنْ الْفَسْخِ إلَى التَّمَتُّعِ لِصِحَّةِ أَحَادِيثِ الْفَسْخِ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَأَبِي أَيُّوبَ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْإِكْسَالِ لِصِحَّةِ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا فَعَلَتْهُ هِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاغْتَسَلَا، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الْحَامِلُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ؛ لِصِحَّةِ حَدِيثِ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ مُعَاذٍ وَمُعَاوِيَةَ فِي تَوْرِيثِ الْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ الْمَانِعِ مِنْ التَّوَارُثِ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّرْفِ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ بِخِلَافِهِ، وَلَا إلَى قَوْلِهِ بِإِبَاحَةِ لُحُومِ الْحُمُرِ كَذَلِكَ، وَهَذَا كَثِيرٌ جِدًّا، وَلَمْ يَكُنْ يُقَدِّمُ عَلَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَمَلًا وَلَا رَأْيًا وَلَا قِيَاسًا وَلَا قَوْلَ صَاحِبٍ وَلَا عَدَمَ عِلْمِهِ بِالْمُخَالِفِ الَّذِي يُسَمِّيهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ إجْمَاعًا وَيُقَدِّمُونَهُ عَلَى الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَقَدْ كَذَّبَ أَحْمَدُ مَنْ ادَّعَى هَذَا الْإِجْمَاعَ، وَلَمْ يَسِغْ تَقْدِيمَهُ عَلَى الْحَدِيثِ الثَّابِتِ، وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا نَصَّ فِي رِسَالَتِهِ الْجَدِيدَةِ عَلَى أَنَّ مَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ بِخِلَافٍ لَا يُقَال لَهُ إجْمَاعٌ، وَلَفْظُهُ: مَا لَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ فَلَيْسَ إجْمَاعًا.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْت أَبِي يَقُولُ: مَا يَدَّعِي فِيهِ الرَّجُلُ الْإِجْمَاعَ فَهُوَ كَذِبٌ، مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فَهُوَ كَاذِبٌ، لَعَلَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا، مَا يُدْرِيهِ، وَلَمْ يَنْتَهِ إلَيْهِ؟ فَلْيَقُلْ: لَا نَعْلَمُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا، هَذِهِ دَعْوَى بِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ وَالْأَصَمِّ، وَلَكِنَّهُ يَقُولُ: لَا نَعْلَمُ النَّاسَ اخْتَلَفُوا، أَوْ لَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ، هَذَا لَفْظُهُ
وَنُصُوصُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَلُّ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَسَائِرِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ مِنْ أَنْ يُقَدِّمُوا عَلَيْهَا تَوَهُّمَ إجْمَاعٍ مَضْمُونُهُ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْمُخَالِفِ، وَلَوْ سَاغَ لَتَعَطَّلَتْ النُّصُوصُ، وَسَاغَ لِكُلِّ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي حُكْمِ مَسْأَلَةٍ أَنْ يُقَدِّمَ جَهْلُهُ بِالْمُخَالِفِ عَلَى النُّصُوصِ؛ فَهَذَا هُوَ الَّذِي أَنْكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ مِنْ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ، لَا مَا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ اسْتِبْعَادٌ لِوُجُودِهِ

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست