responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 200
أَوْجَبَهُ، وَكَلَامَهُ الطَّلَبِيَّ وَالْخَبَرِيَّ، وَجَعَلَ فِعْلَهُ سَبَبًا لِمَحَبَّتِهِ لِعَبْدِهِ وَرِضَاهُ عَنْهُ وَإِثَابَتِهِ عَلَيْهِ، وَتَرْكَهُ سَبَبًا لِضِدِّ ذَلِكَ، وَلَا سَبِيلَ لَنَا إلَى الْعِلْمِ بِهَذَا إلَّا مِنْ خَبَرِ اللَّهِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ خَبَرِ رَسُولِهِ عَنْهُ، فَكَيْفَ يُعْلَمُ ذَلِكَ بِقِيَاسٍ أَوْ رَأْيٍ؟ هَذَا ظَاهِرُ الِامْتِنَاعِ.

[لَمْ يَكُنْ الْقِيَاسُ حُجَّةً فِي زَمَنِ الرَّسُولِ]
[لَمْ يَكُنْ الْقِيَاسِ حُجَّةً فِي زَمَنِ الرَّسُولِ] قَالُوا: وَلَوْ كَانَ الْقِيَاسُ مِنْ حُجَجِ اللَّهِ وَأَدِلَّةِ أَحْكَامِهِ لَكَانَ حُجَّةً فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَسَائِرِ الْحُجَجِ، فَلِمَا لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ حُجَّةً بَعْدَهُ.
وَتَقْرِيرُ هَذِهِ الْحُجَّةِ بِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَقِيسُ عَلَى مَا سَمِعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يَسْمَعْ، وَلَوْ كَانَ هُوَ مَعْقُولَ النُّصُوصِ لَكَانَ تَعْدِيَةُ الْحُكْمِ بِهِ وَشُمُولُ الْمَعْنَى كَتَعْدِيَةِ الْحُكْمِ بِاللَّفْظِ وَشُمُولِهِ لِجَمِيعِ أَفْرَادِهِ وَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ، فَلَمَّا قُلْتُمْ لَا يَكُونُ الْقِيَاسُ فِي زَمَنِ النَّصِّ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ تَعَلُّقَ النُّصُوصِ بِالصَّحَابَةِ كَتَعَلُّقِهَا بِمَنْ بَعْدَهُمْ، وَوُجُوبُ اتِّبَاعِهَا عَلَى الْجَمِيعِ وَاحِدٌ.
قَالُوا: وَلِأَنَّا لَسْنَا عَلَى ثِقَةٍ مِنْ عَدَمِ تَعْلِيقِ الشَّارِعِ الْحُكْمَ بِالْوَصْفِ الَّذِي يُبْدِ بِهِ الْقِيَاسِيُّونَ وَأَنَّهُ إنَّمَا عَلَّقَ الْحُكْمَ بِالِاسْمِ بِحَيْثُ يُوجَدُ بِوُجُودِهِ وَيَنْتَفِي بِانْتِفَائِهِ بَلْ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِالِاسْمِ تَعْلِيقٌ بِمَا لَنَا طَرِيقٌ إلَى الْعِلْمِ بِهِ طَرْدًا وَعَكْسًا، بِخِلَافِ تَعْلِيقِهِ بِالْوَصْفِ الشَّبَهِيِّ فَإِنَّهُ خَرْصٌ وَخَزْرٌ، وَمَا كَانَ هَكَذَا لَمْ تَرِدْ بِهِ الشَّرِيعَةُ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَمَلِ بِالظُّنُونِ إلَّا فِيمَا تَيَقَّنَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَوْجَبَ عَلَيْنَا الْعَمَلَ بِهِ؛ لِلْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ اتِّبَاعِ الظُّنُونِ، فَمَنْعُهُ مَنْعٌ يَقِينِيٌّ مِنْ اتِّبَاعِ الظَّنِّ، فَلَا تَتْرُكُهُ إلَّا بِيَقِينٍ يُوجِبُ اتِّبَاعَهُ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ تَشَابُهَ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ يَقْتَضِي أَلَّا يَثْبُتَ الْفَرْعُ إلَّا بِمَا يَثْبُتَ بِهِ الْأَصْلُ، فَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَزِمَ تَوَقُّفُ الْفَرْعِ فِي ثُبُوتِهِ عَلَى النَّصِّ كَالْأَصْلِ؛ فَالْقَوْلُ بِالْقِيَاسِ مِنْ أَبْيَنِ الْأَدِلَّةِ عَلَى بُطْلَانِ الْقِيَاسِ.
قَالُوا: وَلِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالِاسْمِ وَحْدَهُ، أَوْ بِالْوَصْفِ الْمُشْتَرَكِ وَحْدَهُ، أَوْ بِهِمَا، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِالِاسْمِ وَحْدَهُ أَوْ بِهِمَا بَطَلَ الْقِيَاسُ، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْوَصْفِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا لَزِمَ أَمْرَانِ مَحْذُورَانِ:
أَحَدُهُمَا: إلْغَاءُ الِاسْمِ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ، فَإِنَّ الْوَصْفَ إذَا كَانَ أَعَمَّ مِنْهُ وَكَانَ هُوَ الْمُسْتَقِلَّ بِالْحُكْمِ كَانَ الْأَخَصُّ وَهُوَ الِاسْمُ عَدِيمَ التَّأْثِيرِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ إذَا كَانَ الِاسْمُ عَدِيمَ التَّأْثِيرِ لَمْ يَكُنْ جَعْلُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ أَصْلًا لِمَا سَكَتَ عَنْهُ أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ؛ إذْ التَّأْثِيرُ

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 200
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست