responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 109
أَثَرُ الْمَطَرِ عَلَيْهِ فَيُنْبِتُ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ، وَالْمُعْرِضُ عَنْ الْوَحْيِ عَكْسُهُ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا} [الحج: 5] يَقُولُ سُبْحَانَهُ: إنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَلَسْتُمْ تَرْتَابُونَ فِي أَنَّكُمْ مَخْلُوقُونَ، وَلَسْتُمْ تَرْتَابُونَ فِي مَبْدَأِ خَلْقِكُمْ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ إلَى حِينِ الْمَوْتِ، وَالْبَعْثُ الَّذِي وَعُدْتُمْ بِهِ نَظِيرُ النَّشْأَةِ الْأُولَى فَهُمَا نَظِيرَانِ فِي الْإِمْكَانِ وَالْوُقُوعِ، فَإِعَادَتُكُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ خَلْقًا جَدِيدًا كَالنَّشْأَةِ الْأُولَى الَّتِي لَا تَرْتَابُونَ فِيهَا، فَكَيْفَ تُنْكِرُونَ إحْدَى النَّشْأَتَيْنِ مَعَ مُشَاهَدَتِكُمْ لِنَظِيرِهَا؟ وَقَدْ أَعَادَ سُبْحَانَهُ هَذَا الْمَعْنَى وَأَبْدَاهُ فِي كِتَابِهِ بِأَوْجَزِ الْعِبَارَاتِ، وَأَدَلِّهَا، وَأَفْصَحِهَا، وَأَقْطَعِهَا لِلْعُذْرِ، وَأَلْزَمِهَا لِلْحُجَّةِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ - أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ - نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} [الواقعة: 58 - 60] {عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ} [الواقعة: 61] {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ} [الواقعة: 62] فَدَلَّهُمْ بِالنَّشْأَةِ الْأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ، وَأَنَّهُمْ لَوْ تَذَّكَّرُوا لَعَلِمُوا أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي تَعَلُّقِ الْقُدْرَةِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ جَمَعَ سُبْحَانَهُ بَيْنَ النَّشْأَتَيْنِ فِي قَوْلِهِ: {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [النجم: 45] {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى - وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى} [النجم: 46 - 47] وَفِي قَوْلِهِ: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} [القيامة: 37] {ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى} [القيامة: 38] إلَى قَوْلِهِ: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40] وَفِي قَوْلِهِ: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: 78] {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 79] {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس: 80] {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ} [يس: 81] {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 83] فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَشَرَةَ أَدِلَّةٍ:
أَحَدُهَا قَوْلُهُ: {أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ} [يس: 77] فَذَكَّرَهُ مَبْدَأَ خَلْقِهِ لِيَدُلَّهُ بِهِ عَلَى النَّشْأَةِ الثَّانِيَةِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ هَذَا الْجَاحِدَ لَوْ ذَكَرَ خَلْقَهُ لَمَا ضَرَبَ الْمَثَلَ، بَلْ لَمَّا نَسِيَ خَلْقَهُ ضَرَبَ الْمَثَلَ؛ فَتَحْتَ قَوْلِهِ: {وَنَسِيَ خَلْقَهُ} [يس: 78] أَلْطَفُ جَوَابٍ وَأَبْيَنُ دَلِيلٍ، وَهَذَا كَمَا تَقُولُ لِمَنْ جَحَدَك أَنْ تَكُونَ قَدْ أَعْطَيْتَهُ شَيْئًا: فُلَانٌ جَحَدَنِي الْإِحْسَانَ إلَيْهِ وَنَسِيَ الثِّيَابَ الَّتِي عَلَيْهِ وَالْمَالَ الَّذِي مَعَهُ وَالدَّارَ الَّتِي هُوَ فِيهَا حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ جَحْدُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْك؛ ثُمَّ أُجِيبَ عَنْ سُؤَالِهِ بِمَا

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 109
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست