responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اجتماع الجيوش الإسلامية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 2  صفحة : 75
أَهْلِ النِّفَاقِ وَسَادَاتُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ، وَمَثَلُهُمْ مَثَلُ مَنِ اسْتَوْقَدَ نَارًا ثُمَّ حَصَلَ بَعْدَهَا عَلَى الظُّلْمَةِ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: ضُعَفَاءُ الْبَصَائِرِ الَّذِينَ أَعْشَى بَصَائِرَهُمْ ضَوْءُ الْبَرْقِ فَكَادَ أَنْ يَخْطِفَهَا لِضَعْفِهَا وَقُوَّتِهِ، وَأَصَمَّ آذَانَهُمْ صَوْتُ الرَّعْدِ فَهُمْ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ وَلَا يَقْرَبُونَ مِنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ ; بَلْ يَهْرُبُونَ مِنْهُ وَيَكُونُ حَالُهُمْ حَالَ مَنْ يَسْمَعُ الرَّعْدَ الشَّدِيدَ، فَمِنْ شِدَّةِ خَوْفِهِ مِنْهُ يَجْعَلُ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ، وَهَذِهِ حَالُ كَثِيرٍ مِنْ خَفَافِيشِ الْبَصَائِرِ فِي كَثِيرٍ مِنْ نُصُوصِ الْوَحْيِ إِذَا وَرَدَتْ عَلَيْهِ مُخَالِفَةً لِمَا تَلَقَّاهُ عَنْ أَسْلَافِهِ وَذَوِي مَذْهَبِهِ، وَمَنْ يُحْسِنُ بِهِ الظَّنَّ وَرَآهَا مُخَالِفَةً لِمَا عِنْدَهُ عَنْهُمْ هَرَبَ مِنَ النُّصُوصِ وَكَرِهَ مَنْ يُسْمِعُهُ إِيَّاهَا، وَلَوْ أَمْكَنَهُ لَسَدَّ أُذُنَيْهِ عِنْدَ سَمَاعِهَا وَيَقُولُ: دَعْنَا مِنْ هَذِهِ وَلَوْ قَدَرَ لَعَاقَبَ مَنْ يَتْلُوهَا وَيَحْفَظُهَا وَيَنْشُرُهَا وَيُعَلِّمُهَا، فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ مِنْهَا مَا يُوَافِقُ مَا عِنْدَهُ مَشَى فِيهَا وَانْطَلَقَ فَإِذَا جَاءَتْ بِخِلَافِ مَا عِنْدَهُ أَظْلَمَتْ عَلَيْهِ فَقَامَ حَائِرًا لَا يَدْرِي أَيْنَ يَذْهَبُ، ثُمَّ يَعْزِمُ لَهُ التَّقْلِيدُ وَحُسْنُ الظَّنِّ بِرُؤَسَائِهِ وَسَادَتِهِ عَلَى اتِّبَاعِ مَا قَالُوهُ دُونَهَا، وَيَقُولُ مِسْكِينُ الْحَالِ: هُمْ أَخْبَرُ بِهَا مِنِّي وَأَعْرَفُ، فَيَالَلَّهِ الْعَجَبُ! أَوَلَيْسَ أَهْلُهَا وَالذَّابُّونَ عَنْهَا وَالْمُنْتَصِرُونَ لَهَا وَالْمُعَظِّمُونَ لَهَا وَالْمُخَالِفُونَ لِأَجْلِهَا آرَاءَ الرِّجَالِ، الْمُقَدِّمُونَ لَهَا عَلَى مَا خَالَفَهَا، أَعْرَفَ بِهَا أَيْضًا مِنْكَ وَمِمَّنِ اتَّبَعْتَهُ فَلِمَ كَانَ مَنْ خَالَفَهَا وَعَزَلَهَا عَنِ الْيَقِينِ وَزَعَمَ أَنَّ الْهُدَى وَالْعِلْمَ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا وَأَنَّهَا أَدِلَّةٌ لَفْظِيَّةٌ لَا تُفِيدُ شَيْئًا مِنَ الْيَقِينِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْتَجَّ بِهَا عَلَى مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ مَسَائِلِ التَّوْحِيدِ وَالصِّفَاتِ وَيُسَمِّيهَا الظَّوَاهِرَ النَّقْلِيَّةَ، وَيُسَمِّي مَا خَالَفَهَا الْقَوَاطِعَ الْعَقْلِيَّةَ، فَلِمَ كَانَ هَؤُلَاءِ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ أَنْصَارُهَا وَالذَّابُّونَ عَنْهَا وَالْحَافِظُونَ لَهَا هُمْ أَعْدَاؤُهَا وَمُحَارِبُوهَا؟ ! .

اسم الکتاب : اجتماع الجيوش الإسلامية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 2  صفحة : 75
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست