responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اجتماع الجيوش الإسلامية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 2  صفحة : 66
كَيْفَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] فَوَحَّدَهُ، ثُمَّ قَالَ: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ} [البقرة: 17] فَجَمَعَهَا، فَإِنَّ الْحَقَّ وَاحِدٌ وَهُوَ صِرَاطُ اللَّهِ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي لَا صِرَاطَ يُوصِلُ إِلَيْهِ سِوَاهُ وَهُوَ عِبَادَتُهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ بِمَا شَرَعَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا بِالْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ وَطُرُقِ الْخَارِجِينَ عَمَّا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ مِنَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ بِخِلَافِ طُرُقِ الْبَاطِلِ، فَإِنَّهَا مُتَعَدِّدَةٌ مُتَشَعِّبَةٌ وَلِهَذَا يُفْرِدُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْحَقَّ، وَيَجْمَعُ الْبَاطِلَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257] وَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] فَجَمَعَ سُبُلَ الْبَاطِلِ وَوَحَّدَ سَبِيلَهُ الْحَقَّ وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16] فَإِنَّ تِلْكَ هِيَ طُرُقُ مَرْضَاتِهِ الَّتِي يَجْمَعُهَا سَبِيلُهُ الْوَاحِدُ وَصِرَاطُهُ الْمُسْتَقِيمُ، فَإِنَّ طُرُقَ مَرْضَاتِهِ كُلُّهَا تَرْجِعُ إِلَى صِرَاطٍ وَاحِدٍ وَسَبِيلٍ وَاحِدٍ، وَهِيَ سَبِيلُهُ الَّتِي لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ إِلَّا مِنْهَا وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ خَطَّ خَطًّا مُسْتَقِيمًا، وَقَالَ: هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ فَقَالَ: هَذِهِ سُبُلٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153] .
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا مَثَلٌ لِلْمُنَافِقِينَ وَمَا يُوقِدُونَهُ مِنْ نَارِ الْفِتْنَةِ الَّتِي يُوقِعُونَهَا بَيْنَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ

اسم الکتاب : اجتماع الجيوش الإسلامية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 2  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست