responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اجتماع الجيوش الإسلامية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 2  صفحة : 64
{ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] ، وَلَمْ يَقُلْ: ذَهَبَ نُورُهُمْ، وَفِيهِ سِرٌّ بَدِيعٌ وَهُوَ انْقِطَاعُ تِلْكَ الْمَعِيَّةِ الْخَاصَّةِ الَّتِي هِيَ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ، وَ {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128] ، فَذَهَابُ اللَّهِ بِذَلِكَ النُّورِ انْقِطَاعٌ لِمَعِيَّتِهِ الْخَاصَّةِ الَّتِي هِيَ لِلْمُؤْمِنِينَ خَصَّ بِهَا أَوْلِيَاءَهُ فَقَطَعَهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنَافِقِينَ فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُمْ بَعْدَ ذَهَابِ نُورِهِمْ وَلَا مَعَهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] وَلَا مِنْ: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62] .
وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى: {أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ} [البقرة: 17] كَيْفَ جَعَلَ ضَوْءَهَا خَارِجًا عَنْهُ مُنْفَصِلًا وَلَوِ اتَّصَلَ ضَوْءُهَا بِهِ وَلَابَسَهُ لَمْ يَذْهَبْ، وَلَكِنَّهُ كَانَ ضَوْءَ مُجَاوَرَةٍ لَا مُلَابَسَةٍ وَمُخَالَطَةٍ وَكَانَ الضَّوْءُ عَارِضًا وَالظُّلْمَةُ أَصْلِيَّةً فَرَجَعَ الضَّوْءُ إِلَى مَعْدِنِهِ وَبَقِيَتِ الظُّلْمَةُ فِي مَعْدِنِهَا فَرَجَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى أَصْلِهِ اللَّائِقِ بِهِ، حُجَّةٌ مِنَ اللَّهِ قَائِمَةٌ، وَحِكْمَةٌ بَالِغَةٌ تَعَرَّفَ بِهَا إِلَى أُولِي الْأَلْبَابِ مِنْ عِبَادِهِ، وَتَأَمَّلْ قَوْلَهُ تَعَالَى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: 17] وَلَمْ يَقُلْ: بِنَارِهِمْ لِتُطَابِقَ أَوَّلَ الْآيَةِ ; فَإِنَّ النَّارَ فِيهَا إِشْرَاقٌ وَإِحْرَاقٌ، فَذَهَبَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْإِشْرَاقِ وَهُوَ النُّورُ وَأَبْقَى عَلَيْهِمْ مَا فِيهَا مِنَ الْإِحْرَاقِ وَهُوَ النَّارِيَّةُ.

اسم الکتاب : اجتماع الجيوش الإسلامية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 2  صفحة : 64
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست