responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اجتماع الجيوش الإسلامية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 2  صفحة : 56
مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، وَوَفَّاهُ إِيَّاهُ بِمَثَاقِيلِ الذَّرِّ، وَقَدِمَ إِلَى مَا عَمِلَ مِنْ عَمَلٍ يَرْجُو نَفْعَهُ فَجَعَلَهُ هَبَاءً مَنْثُورًا: إِذْ لَمْ يَكُنْ خَالِصًا لِوَجْهِهِ، وَلَا عَلَى سُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَارَتْ تِلْكَ الشُّبُهَاتُ الْبَاطِلَةُ الَّتِي كَانَ يَظُنُّهَا عُلُومًا نَافِعَةً كَذَلِكَ هَبَاءً مَنْثُورًا، فَصَارَتْ أَعْمَالُهُ وَعُلُومُهُ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِ.
وَالسَّرَابُ مَا يُرَى فِي الْفَلَوَاتِ الْمُنْبَسِطَةِ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ يُسَرِّبُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَأَنَّهُ مَاءٌ يَجْرِي. وَالْقِيعَةُ وَالْقَاعُ هُوَ: الْمُنْبَسِطُ مِنَ الْأَرْضِ الَّذِي لَا جَبَلَ فِيهِ وَلَا وَادٍ فَشَبَّهَ عُلُومَ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ عُلُومَهُ مِنَ الْوَحْيِ وَأَعْمَالَهُ، بِسَرَابٍ يَرَاهُ الْمُسَافِرُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَيَؤُمُّهُ فَيَخِيبُ ظَنُّهُ وَيَجِدُهُ نَارًا تَلَظَّى، فَهَكَذَا عُلُومُ أَهْلِ الْبَاطِلِ وَأَعْمَالُهُمْ إِذَا حُشِرَ النَّاسُ وَاشْتَدَّ بِهِمُ الْعَطَشُ بَدَتْ لَهُمْ كَالسَّرَابِ فَيَحْسَبُونَهُ مَاءً فَإِذَا أَتَوْهُ وَجَدُوا اللَّهَ عِنْدَهُ فَأَخَذَتْهُمْ زَبَانِيَةُ الْعَذَابِ فَعَتَلُوهُمْ إِلَى نَارِ الْجَحِيمِ فَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ، وَذَلِكَ الْمَاءُ الَّذِي سُقُوهُ هُوَ تِلْكَ الْعُلُومُ الَّتِي لَا تَنْفَعُ. وَالْأَعْمَالُ الَّتِي كَانَتْ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى صَيَّرَهَا اللَّهُ تَعَالَى حَمِيمًا سَقَاهُمْ إِيَّاهُ كَمَا أَنَّ طَعَامَهُمْ مِنْ ضَرِيعٍ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ، وَهُوَ تِلْكَ الْعُلُومُ وَالْأَعْمَالُ

اسم الکتاب : اجتماع الجيوش الإسلامية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 2  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست