اسم الکتاب : مسألة فى المرابطة بالثغور أفضل أم المجاورة بمكة شرفها الله تعالى المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 58
حديث سلمان الفارسي.
139- وفي "صحيح مسلم"[1] عن سلمان الفارسي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن العذاب". [1] مسلم (1913) (163) وعنده: "الفتان" بدل "العذاب".
فائدة: قال الطحاوي رحمه الله في الجمع بين حديث سلمان في الرباط، وأنه ينموا للميت فيه عمله إلى يوم القيامة كيف ينموا له ما قد انقطع بموته وما صح عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: "إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاث.." وما صح عنه صلى الله عليه وسلم أيضا فيمن سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها من بعده أن له أجرها، وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، وهذه أعمال قد لحقت الميت زائدة على الثلاثة الأشياء المذكورات في انقطاع عمله بموته إلا منها؟
فقال رحمه الله:"هذه آثار مؤتلف كلها لا خلاف ولا تضاد فيها؛ لأن حديث سلمان على عمل متقدم لموت المرابط، ينمو له بعد موته، لمعنى يتوفر له ثوابه إلى يوم القيامة، وهو عمل قد تقدم موته.
وأما الحديث الآخر: فالمستثنى فيه وهو أعمال تحدث بعده؛ من صدقة بها عنه بعد وفاته هو سببها في حياته، وعلم يعمل به بعد وفاته هو سببه في حياته، وولد صالح يدعوا له بعد وفاته هو سببه في حياته، وكل هذه الأشياء يلحقه بها ثواب طارئ خلاف أعماله التي مات عليها فهو في ذلك خلاف الميت في رباطه الذي يعطى ثواب ما تقدم موته من أعماله الصالحة لا ثواب أعمال تحدث بعد وفاته.
وأما الحديث الذي ذكره فيمن سن سنة حسنة فعمل بها بعد وفاته؛ فهي من العلم الذي كان بثه في حياته، وعمل به بعد وفاته المذكورة في الحديث المستثنى فيه تلك الثلاثة الأشياء.
فبان بحمد الله، ونعمته أن لا تضاد في شيء من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها كلها مؤتلفة غير مختلفة والله نسأله التوفيق" "مشكل الآثار" (3/89) .
وقال ابن عابدين رحمه الله في قوله "أجري عليه عمله": "كل من مات مرابطا يجعل بمنزلة المرابط إلى فناء الدنيا فيما يجري له من الثواب؛ لأن نيته استدامة الرباط لو بقي حيا إلى فناء الدنيا والثواب بحسب النية"اهـ. "رد المختار" (2/524) .
اسم الکتاب : مسألة فى المرابطة بالثغور أفضل أم المجاورة بمكة شرفها الله تعالى المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 58