responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 521
عَلَى أَنَّهُ حَزِنَ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَيُقَالُ: ثَانِيًا: هَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ: (وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} ([1] ، وَقَوْلِهِ: ( {لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ (} [2] وَنَحْوِ ذَلِكَ، بَلْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لِمُوسَى: ( {خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى} ([3] .
فيقال: إنه أثمر أَنْ يَطْمَئِنَّ وَيَثْبُتَ، لِأَنَّ الْخَوْفَ يَحْصُلُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْعَبْدِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوجِبُ الْأَمْنَ، فَإِذَا حَصَلَ مَا يُوجِبُ الْأَمْنَ زال الخوف.
وَكَذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لصدِّيقه: ( {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} نَهْيٌ عَنِ الْحُزْنِ مَقْرُونٌ بِمَا يُوجِبُ زَوَالَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} وَإِذَا حَصَلَ الْخَبَرُ بِمَا يُوجِبُ زَوَالَ الْحُزْنِ وَالْخَوْفِ زَالَ، وَإِلَّا فهو يهجم على الإنسان بغير اختياره.
وَيُقَالُ: ثَالِثًا: لَيْسَ فِي نَهْيِهِ عَنِ الْحُزْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، بَلْ قَدْ يَنْهَى عَنْهُ لِئَلَّا يُوجَدَ إِذَا وُجِدَ مُقْتَضِيهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضُرُّنَا كَوْنُهُ مَعْصِيَةً لَوْ وجد، وإن وُجِدَ، فَالنَّهْيُ. قَدْ يَكُونُ نَهْيَ تَسْلِيَةٍ وَتَعْزِيَةٍ وَتَثْبِيتٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَعْصِيَةً بَلْ قَدْ يَكُونُ مِمَّا يَحْصُلُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمُنْهَى، وَقَدْ يَكُونُ الْحُزْنُ مِنْ هَذَا الْبَابِ.
ويقال: رابعاً: عَامَّةُ عُقَلَاءِ بَنِي آدَمَ إِذَا عَاشَرَ أَحَدُهُمُ الْآخَرَ مُدَّةً يَتَبَيَّنُ لَهُ صَدَاقَتُهُ مِنْ عَدَاوَتِهِ، فَالرَّسُولُ يَصْحَبُ أَبَا بَكْرٍ بِمَكَّةَ بِضْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَا يَتَبَيَّنُ لَهُ هَلْ هُوَ صَدِيقُهُ أَوْ عَدُوُّهُ، وَهُوَ يَجْتَمِعُ مَعَهُ فِي دَارِ الْخَوْفِ؟! وَهَلْ هَذَا إِلَّا قَدْحٌ فِي الرَّسُولِ؟
ثُمَّ يُقَالُ: جَمِيعُ النَّاسِ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّهُ أعظم أوليائه من حسن الْمَبْعَثِ إِلَى الْمَوْتِ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِهِ مِنَ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ، وَدَعَا غَيْرَهُ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ حَتَّى آمَنُوا، وَبَذَلَ أَمْوَالَهُ فِي تَخْلِيصِ مَنْ كَانَ آمَنَ بِهِ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ، مِثْلِ بِلَالٍ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ يَخْرُجُ مَعَهُ إِلَى الْمَوْسِمِ فَيَدْعُو الْقَبَائِلَ إِلَى الْإِيمَانِ بِهِ، وَيَأْتِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بَيْتِهِ: إِمَّا غَدْوَةً وَإِمَّا عَشِيَّةً، وَقَدْ آذَاهُ الْكُفَّارُ عَلَى إِيمَانِهِ، حَتَّى خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ فَلَقِيَهُ ابْنُ الدَّغِنَّةِ أَمِيرٌ مِنْ أُمَرَاءِ العرب - سيد القارة - وقال إلى أين؟ وقد تقدم حديثه،

[1] الآية 127 من سورة النحل.
[2] الآية 88 من سورة الحجر.
[3] الآية 21 من سورة طه.
اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 521
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست