responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 505
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَأَيْضًا الْإِجْمَاعُ لَيْسَ أَصْلًا في الدلالة، بل لا بد أن يستند الْمُجْمِعُونَ إِلَى دَلِيلٍ عَلَى الْحُكْمِ حَتَّى يَجْتَمِعُوا عَلَيْهِ، وَإِلَّا كَانَ خَطَأً، وَذَلِكَ الدَّلِيلُ إِمَّا عَقْلِيٌّ، وَلَيْسَ فِي الْعَقْلِ دَلَالَةٌ عَلَى إِمَامَتِهِ، وَإِمَّا نَقْلِيٌّ، وَعِنْدَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَلَا نَصٍّ عَلَى إِمَامٍ، وَالْقُرْآنُ خالٍ مِنْهُ، فَلَوْ كَانَ الْإِجْمَاعُ مُتَحَقِّقًا كَانَ خَطَأً فَتَنْتَفِي دَلَالَتُهُ)) .
وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: ((الْإِجْمَاعُ لَيْسَ أَصْلًا فِي الدَّلَالَةِ)) .
إِنْ أَرَادَ بِهِ أن أَمْرَ الْمُجْتَمِعِينَ لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ لِكَوْنِهِ دَلِيلًا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهَذَا صَحِيحٌ. وَلَكِنَّ هَذَا لَا يَضُرُّ؛ فَإِنَّ أَمْرَ الرَّسُولِ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبْ طَاعَتُهُ لِذَاتِهِ، بَلْ لِأَنَّ مَنْ أَطَاعَ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ. فَفِي الْحَقِيقَةِ لَا يُطَاعُ أَحَدٌ لِذَاتِهِ إِلَّا اللَّهُ. لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ، وَلَهُ الْحُكْمُ، وَلَيْسَ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ. وَإِنَّمَا وَجَبَتْ طَاعَةُ الرَّسُولِ لِأَنَّ طَاعَتَهُ طَاعَةُ اللَّهِ، وَوَجَبَتْ طَاعَةُ الْمُؤْمِنِينَ الْمُجْتَمِعِينَ، لِأَنَّ طَاعَتَهُمْ طَاعَةُ اللَّهِ وَالرَّسُولِ، وَوَجَبَ تَحْكِيمُ الرَّسُولِ، لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ اللَّهِ. وَكَذَلِكَ تَحْكِيمُ الْأُمَّةِ، لِأَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ اللَّهِ.
وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُوَافِقًا لِلْحَقِّ، وَقَدْ يَكُونُ مُخَالِفًا لَهُ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ. فَهَذَا قَدْحٌ فِي كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً، وَدَعْوَى أَنَّ الْأُمَّةَ قَدْ تَجْتَمِعُ عَلَى الضَّلَالَةِ وَالْخَطَأِ. كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ مَنْ يَقُولُهُ مِنَ الرَّافِضَةِ الْمُوَافِقِينَ لِلنَّظَّامِ.
وَحِينَئِذٍ فيُقال: كَوْنُ عَلِيٍّ إِمَامًا وَمَعْصُومًا وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأُصُولِ، الْإِمَامِيَّةِ أَثْبَتُوهُ بِالْإِجْمَاعِ، إِذْ عُمْدَتُهُمْ فِي أُصُولِ دِينِهِمْ علَى مَا يَذْكُرُونَهُ مِنَ الْعَقْلِيَّاتِ وَعَلَى الْإِجْمَاعِ، وَعَلَى مَا يَنْقُلُونَهُ. فَهُمْ يَقُولُونَ: عُلم بِالْعَقْلِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إِمَامٍ مَعْصُومٍ وَإِمَامٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهِ، وَغَيْرُ عَلِيٍّ لَيْسَ مَعْصُومًا وَلَا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ، فَيَكُونُ الْمَعْصُومُ هُوَ عَلِيًّا، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ حُجَجِهِمْ.
فَيُقَالُ لَهُمْ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الْإِجْمَاعُ حُجَّةً، فَقَدْ بَطَلَتْ تِلْكَ الْحُجَجُ، فَبَطَلَ مَا بَنَوْهُ عَلَى الْإِجْمَاعِ مِنْ أُصُولِهِمْ، فَبَطَلَ قَوْلُهُمْ. وَإِذَا بَطَلَ ثَبَتَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ.

اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 505
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست