responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 333
معصوم، فيكون هو الإمام)) .
وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ: أَنْ نَقُولَ: كِلْتَا الْمُقَدَّمَتَيْنِ باطلة. أما الأولى: فقوله: ((ولا بُدَّ مِنْ نَصْبِ إِمَامٍ مَعْصُومٍ يَصُدُّهُمْ عَنِ الظُّلْمِ وَالتَّعَدِّي، وَيَمْنَعُهُمْ عَنِ التَّغَالُبِ وَالْقَهْرِ، وَيُنْصِفُ الْمَظْلُومَ مِنَ الظَّالِمِ، ويوصِّل الْحَقَّ إِلَى مستحقِّه، لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ وَلَا السَّهْوُ وَلَا الْمَعْصِيَةُ)) .
فَيُقَالُ لَهُ: نَحْنُ نَقُولُ بِمُوجِبِ هَذَا الدَّلِيلِ إِنْ كَانَ صَحِيحًا، فَإِنَّ الرَّسُولَ هُوَ الْمَعْصُومُ وَطَاعَتُهُ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ. وَعِلْمُ الْأُمَّةِ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ أَتَمُّ من علم آحاد الرعية بأمر الإمام الغالب، كالمنتظر ونحوه، بأمره
ونهيه. فهذا رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِمَامٌ مَعْصُومٌ، وَالْأُمَّةُ تَعْرِفُ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَمَعْصُومُهُمْ يَنْتَهِي إِلَى الْغَائِبِ الْمُنْتَظَرِ، الَّذِي لَوْ كَانَ مَعْصُومًا لَمْ يَعْرِفْ أحدٌ لا أمره ولا نَهْيَهُ، بَلْ وَلَا كَانَتْ رَعِيَّةُ عَلِيٍّ تَعْرِفُ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، كَمَا تَعْرِفُ الْأُمَّةُ أَمْرَ نَبِيَّهَا وَنَهْيَهُ، بَلْ عِنْدَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ عِلْمِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ مَا أَغْنَاهُمْ عَنْ كُلِّ إِمَامٍ سِوَاهُ، بِحَيْثُ أَنَّهُمْ لَا يَحْتَاجُونَ قَطُّ إِلَى الْمُتَوَلِّي عَلَيْهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ مَعْرِفَةِ دِينِهِمْ، وَلَا يَحْتَاجُونَ فِي الْعَمَلِ إِلَى مَا يَحْتَاجُونَ فِيهِ إِلَى التَّعَاوُنِ. وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ أَعْظَمَ مِنْ مَعْرِفَةِ آحاد رعيّة المعصوم، ولو قُدِّر وُجُودُهُ بِأَمْرِهِ. فَإِنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّ عَلَى النَّاسِ ظَاهِرًا مَنِ ادُّعيت لَهُ الْعِصْمَةُ إِلَّا عليٌّ.
وَنَحْنُ نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ كَانَ فِي رَعِيَّتِهِ بِالْيَمَنِ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرِهِمَا مَنْ لَا يَدْرِي بِمَاذَا أَمَرَ وَلَا عمَّاذا نَهَى، بَلْ نُوَّابُهُ كَانُوا يَتَصَرَّفُونَ بِمَا لَا يَعْرِفُهُ هُوَ.
وَأَمَّا الْوَرَثَةُ الَّذِينَ وَرِثُوا عِلْمَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُمْ يَعْرِفُونَ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، ويَصْدُقُون فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُ، أَعْظَمَ مِنْ عِلْمِ نُوَّابِ عَلِيٍّ بِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَمِنْ صِدْقهِم فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُ. وَهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُونَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِمَامٍ مَعْصُومٍ حَيٍّ.
فَنَقُولُ: هَذَا الْكَلَامُ بَاطِلٌ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا الْإِمَامَ الْمَوْصُوفَ لَمْ يُوجَدْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ. أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يُعرف إِمَامٌ مَعْرُوفٌ يُدَّعى فِيهِ هَذَا، وَلَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ، بَلْ مَفْقُودٌ غَائِبٌ عِنْدَ مُتَّبِعِيهِ، وَمَعْدُومٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ. وَمِثْلُ هَذَا لَا يَحْصُلُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِمَامَةِ أَصْلًا، بَلْ مَنْ وَلِيَ عَلَى النَّاسِ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الْجَهْلِ وَبَعْضُ الظُّلْمِ، كَانَ أَنْفَعَ لَهُمْ مِمَّنْ لَا يَنْفَعُهُمْ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.

اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 333
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست