responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 328
فَالْجَوَابُ: أَنْ يُقال: أَمَّا الْفِتْنَةُ فَإِنَّمَا ظَهَرَتْ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الشِّيعَةِ، فَإِنَّهُمْ أَسَاسُ كُلِّ فِتْنَةٍ وَشَرٍّ، وَهُمْ قُطْبُ رَحَى الْفِتَنِ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةٍ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ قَتْلُ عُثْمَانَ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ((ثَلَاثٌ مَنْ نَجَا مِنْهُنَّ فَقَدْ نَجَا: مَوْتِي، وَقَتْلِ خَلِيفَةٍ مُضْطَهَدٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، والدجَّال)) . (1)
وَمَنِ اسْتَقْرَأَ أَخْبَارَ الْعَالَمِ فِي جَمِيعِ الْفِرَقِ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ طَائِفَةٌ أَعْظَمُ اتِّفَاقًا عَلَى الْهُدَى وَالرُّشْدِ، وَأَبْعَدُ عَنِ الْفِتْنَةِ وَالتَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الَّذِينَ هُمْ خَيْرُ الْخَلْقِ بشهادة الله لهم بذلك، إذ يقول: {كُنتُم خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [2] .
وأبعد الناس عن الطَّائِفَةِ الْمَهْدِيَّةِ الْمَنْصُورَةِ هُمُ الرَّافِضَةُ، لِأَنَّهُمْ أَجْهَلُ وَأَظْلَمُ طَوَائِفِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْقِبْلَةِ، وَخِيَارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ هُمُ الصَّحَابَةُ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الْأُمَّةِ أَعْظَمُ اجْتِمَاعًا عَلَى الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ وَلَا أَبْعَدُ عَنِ التَّفَرُّقِ وَالِاخْتِلَافِ مِنْهُمْ، وَكُلُّ مَا يُذْكَرُ عَنْهُمْ مِمَّا فِيهِ نَقْصٌ فَهَذَا إِذَا قِيسَ إِلَى مَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِمْ مِنَ الْأُمَّةِ كَانَ قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ.
وَأَمَّا مَا يَقْتَرِحُهُ كُلُّ أَحَدٍ فِي نَفْسِهِ مِمَّا لَمْ يُخلق، فَهَذَا لَا اعْتِبَارَ بِهِ. فهذا يقترح معصوماً من الْأَئِمَّةِ، وَهَذَا يَقْتَرِحُ مَا هُوَ كَالْمَعْصُومِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ مَعْصُومًا، فَيَقْتَرِحُ فِي الْعَالِمِ وَالشَّيْخِ وَالْأَمِيرِ وَالْمَلِكِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، مَعَ كَثْرَةِ عِلْمِهِ وَدِينِهِ وَمَحَاسِنِهِ، وَكَثْرَةِ مَا فَعَلَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ، يَقْتَرِحُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا يُخْطِئُ فِي مَسْأَلَةٍ، وَأَنْ يَخْرُجَ عَنْ حَدِّ الْبَشَرِيَّةِ فَلَا يَغْضَبُ، بَلْ كَثِيرٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فيهم مالا يُقْتَرَحُ فِي الْأَنْبِيَاءِ.
وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نُوحًا وَمُحَمَّدًا أَنْ يَقُولَا: {لاَ أَقُولُ لَكُم عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ} [3] فَيُرِيدُ الْجُهَّالُ مِنَ الْمَتْبُوعِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بكل ما يُسأل عَنْهُ، قَادِرًا عَلَى كُلِّ مَا يُطلب مِنْهُ، غَنِيًّا عَنِ الْحَاجَاتِ الْبَشَرِيَّةِ كَالْمَلَائِكَةِ. وَهَذَا الِاقْتِرَاحُ مِنْ وُلَاةِ الْأَمْرِ كَاقْتِرَاحِ الْخَوَارِجِ فِي عُمُومِ الْأُمَّةِ، أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدِهِمْ ذَنْبٌ، وَمَنْ كَانَ لَهُ ذَنْبٌ كَانَ عِنْدَهُمْ كَافِرًا مُخَلَّدًا في النار.
وَكُلُّ هَذَا بَاطِلٌ خِلَافَ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ، وخلاف ما شرعه الله.

(1) المسند ج4 ص 105، 109 وج5 ص 33، 288.
[2] الآية 110 من سورة آل عمران.
[3] الآية 31 من سورة هود.
اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 328
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست