responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 280
مخُتْصَرُ مِنْهَاجِ السُّنَّة
لأبي العباس شيخ الإسلام أحمد بن تيمية
اختصره
الشيخ عبد الله الغنيمان
المدرس بقسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية
بالمدينة المنورة

الجزء الثاني 1410هثههـ

(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ: ((وَقَالَ فِي خُطْبَةٍ لَهُ: مَنْ غَالَى فِي مَهْرِ امْرَأَةٍ جَعَلْتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ: كَيْفَ تَمْنَعُنَا مَا أَعْطَانَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حِينَ قَالَ: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً} [1] ... فَقَالَ: كُلُّ أَحَدٍ أَفْقه مِنْ عُمَرَ حَتَّى المخَدَّرات)) .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ دَلِيلٌ عَلَى كَمَالِ فَضْلِ عُمَرَ وَدِينِهِ وَتَقْوَاهُ، وَرُجُوعِهِ إِلَى الْحَقِّ إِذَا تَبَيَّنَ لَهُ، وَأَنَّهُ يَقْبَلُ الْحَقَّ حَتَّى مِنِ امْرَأَةٍ، وَيَتَوَاضَعُ لَهُ، وَأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِفَضْلِ الْوَاحِدِ عَلَيْهِ، وَلَوْ فِي أَدْنَى مَسْأَلَةٍ. وليس من شرط
الْأَفْضَلِ أَنْ لَا يُنَبِّهَهُ الْمَفْضُولُ لِأَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ، فَقَدْ قَالَ الْهُدْهُدُ لِسُلَيْمَانَ: {أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِين} ٍ [2] وَقَدْ قَالَ مُوسَى لِلْخِضْرِ: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} [3] . وَالْفَرْقُ بَيْنَ مُوسَى وَالْخِضْرِ أَعْظَمُ مِنَ الْفَرْقِ بَيْنَ عُمَرَ وَبَيْنَ أَشْبَاهِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا بِالَّذِي أَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ الْخِضْرُ قَرِيبًا مِنْ مُوسَى، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ، بَلِ الْأَنْبِيَاءُ الْمُتَّبِعُونَ لِمُوسَى، كَهَارُونَ وَيُوشَعَ وداود وسليمان وغيرهم، أفضل من الخضر.
فَالصَّحَابَةُ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ وَأَفْقَهُهَا وَأَدْيَنُهَا. وَلِهَذَا أَحْسَنَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: ((هُمْ فَوْقَنَا فِي كُلِّ عِلْمٍ وفقهٍ وَدِينٍ وَهُدًى، وَفِي كُلِّ سَبَبٍ يُنال بِهِ عِلْمٌ وَهُدًى، وَرَأْيُهُمْ لَنَا خَيْرٌ مِنْ رَأْيِنَا لِأَنْفُسِنَا)) أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ((أُصُولُ السنة عندنا التمسك بما عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ?)) .
وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَيْثُ قَالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ الْحَيَّ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ، أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ كَانُوا أَفْضَلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ: أَبَرَّهَا قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، قَوْمٌ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَإِقَامَةِ دِينِهِ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ، وَاتَّبِعُوهُمْ فِي آثَارِهِمْ، وَتَمَسَّكُوا بِمَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَدِينِهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ)) .
وَقَالَ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ((يَا مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ اسْتَقِيمُوا وَخُذُوا طَرِيقَ من كان قبلكم، فوالله لئن استقمتم قد سَبَقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا، وَإِنْ أَخَذْتُمْ يَمِينًا وَشِمَالًا لقد ضللتم ضلالا بعيداً)) .

[1] الآية 20 من سورة النساء.
[2] الآية 22 من سورة النمل.
[3] الآية 66 من سورة الكهف.
اسم الکتاب : مختصر منهاج السنة المؤلف : الغنيمان، عبد الله بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 280
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست